Sat. Apr 20th, 2024

Alaa Alkhatib

علاء الخطيب

أصدقاء بشار الأسد

 27/12/2016

علاء الدين الخطيب

لن نتكلم هنا عن أفضل أصدقاء النظام السوري، فقد قيل الكثير عنهم، وهم النظام الإيراني والنظام الروسي؛ فالأول هو توليفة مريضة بين رجال دين شيعة متعصبين طائفيا وبين طبقة رجال مال وعسكر فاسدة، والثاني هو نموذج قيصري شمولي قام على الفساد والمافيا، والاثنان أثبتا فشلهما الذريع بالنهوض ببلدين يعدان من أغنى الدول بالمصادر الطبيعية وبالقدرات البشرية خلال عقود من حكمهما، مهما بلغت سذاجة تفسيرات المؤامرة الكونية والشيطان الأميركي. لكن سنتناول في المقال، وسريعا، بعضا ممن دافع عن نظام بشار الأسد من السياسيين الغربيين، واعتبر النظام دفاعهم وسام شرف له يستخدمه بالترويج لنفسه.

السيناتور ريتشارد هايدن بلاك Richard H. Black من ولاية فرجينيا الأميركية (والمعروف في الإعلام الأميركي بلقب أعتذر عن ذكره هنا فهو لا يناسب معايير الكتابة الرزينة). زار هايدن دمشق في 17 نيسان 2016 والتقى بشار الأسد وسط ترحيب إعلامي كبير من قبل إعلام الأسد، وكان قد أرسل رسالة تأييد وتضامن للأسد في 2014. بلاك معروف عنه أن يميني متطرف مناهض لحقوق المرأة، ولحقوق العمال، ومعارض شديد لنظام الدعم الصحي، ومعارض لقوانين حماية البيئة التي حدت من استخراج النفط والغاز من مصادر وعبر تقنيات ملوثة للبيئة، وهو أيضا من أشد أنصار الرئيس الأميركي دونالد ترامب المعروف بعنصريته. طبعا يوم أرسل رسالته الشهيرة وزار سوريا، لم يذكر إعلام الأسد شيئا عن عنصرية هايدن، الأقرب لفكر القاعدة، بل استغل عقدة “الإفرنجي” وطبّل وزمّر لها “سيناتور أميركي يعلن دعمه الكامل للقائد الأبدي”.

richard-h-blackلقاء بشار الأسد مع ريتشارد بلاك، وكالة سانا.

في 21/07/2013 نشرت جريدة Dimokratia اليومية اليونانية مقابلة مع ستارفوس ليبوفيسيس Stavros Libovisis، وهو أحد أعضاء مجموعة مارفوس كلينوس Mavros Krinos  اليونانية الفاشية المتشددة؛ والذي قال “نحن نحارب مع إخوتنا بالسلاح السوريين … ضد العدو القديم” وقد ادعى ليبوفيسيس أن مقاتلين يونانيين متطوعين شاركوا في معركة القصير، لم تؤكد مصادر مستقلة صحة هذا الادعاء، لكن يكفي بالنسبة لنا معرفة إلى جانب من تقف الفاشية الأوروبية المعاصرة.

في نهاية 2014 زار سوريا دعما لنظام الأسد وفد نيابي أوروبي يضم أساطين اليمين الأوروبي المتطرف، تحت اسم التحالف من أجل السلام والحرية، والتقوا برئيس مجلس شعب النظام محمد جهاد اللحام، وكان الوفد برئاسة أحد زعماء الفاشية الجدد السياسي الإيطالي روبيرتو فيور Roberto Fiore وهو رئيس الحزب اليميني المتطرف الإيطالي “القوة الجديدة Forza Nuova“، المتبني لفكرة المليشيا، وكان فيور قد لجأ إلى بريطانيا لعدة سنوات إثر تداعيات تفجير إرهابي في إيطاليا؛ ورافقه بالوفد أيضا صديقه الشخصي السياسي البريطاني نيكولاس جون غريفين Nicholas John Griffin والمعروف بمواقفه العنصرية والتي تمت محاكمته عليها مرتين، وهو الزعيم السابق للحزب الفاشي البريطاني “الحزب الوطني البريطاني BNP“؛  كما ضم الوفد رئيس حركة النازيين الجدد الألماني أودو فويت Udo Voigt والذي وصف هتلر بأنه “رجل عظيم”، واتهم المستشارة ميركل بالخيانة لأنها استقبلت اللاجئين، والذي ترشح لرئاسة الحزب الديمقراطي الوطني الألماني اليميني المتطرف.

%d9%86%d9%8a%d9%83%d9%88%d9%84%d8%a7%d8%b3-%d8%ba%d8%b1%d9%8a%d9%81%d9%86نيكولاس غريفن أثناء التحضير للقاء على التلفزيون السوري.

في عام 2013 وفي شهر تشرين أول زار دمشق وفد من مجموعة كاسا باوند CasaPound الإيطالية، وهي منظمة الشباب الفاشي الجديد، لإعلان دعمهم للنظام السوري والتقوا برئيس وزراء النظام ووزير خارجيته. وهذه المنظمة هي أحد مؤسسي ما يسمى الجبهة الأوروبية للتضامن مع سوريا  European Solidarity Front for Syria (ESFS) والمكونة من عدة تنظيمات أوروبية فاشية ونازية، وتعلن دعمها المستمر للنظام الأسدي.

%d8%a7%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%86صور من إعلانات جبهة التضامن الأوروبية مع سوريا

في الشهور الأخيرة احتفل الفيسبوك الداعم للأسد بفيديو لنائب نمساوي اسمه روبرت لوغار Robert Lugar ، يدافع به عن النظام الأسدي؛ كان لوغار قد تعرض لهجوم إعلامي شديد في النمسا نتيجة وصفه اللاجئين القادمين لأوربا بأنهم مخلوقات بدائية “إنسان النيدرتال”، كما أنه عضو في مجموعة يمينية متطرفة اسمها شتروناخ Team Stronach for Austria.

تاريخيا، هل هناك علاقات للنظام الأسدي مع اليمين المتطرف الغربي؟ أورد مثالين يعبران بشكل كامل: الأول هو الأميركي دافيد كيوك David Duke الرئيس السابق لتجمع أخويات كو كلوكس كلان Ku Klux Klan، المعروفة بتعصبها للعرق الأبيض الأوروبي، وكراهيتها للمهاجرين والسامية والكاثوليكية؛ وقد زار كيوك دمشق في عام 2005 واحتفى به تلفزيون النظام وقتها، وهو الآن من المؤيدين الشرسين لترامب، والمدافعين عن النظام الأسدي. المثال الثاني هو النازي النمساوي أليوس برونر Alois Brunner ، الذي كان اليد اليمنى لأحد كبار ضباط ألمانيا النازية أدولف ايخمان Adolf Eichmann الذي كان أحد أهم المسؤولين عن جرائم الإبادة ضد اليهود، وتؤكد تقارير متعددة أن برونر لجأ بآخر حياته إلى سوريا وعمل كمستشار لحافظ الأسد، وتوفي في دمشق عام 2010.

هل مارسنا عملية انتقائية في اختيار بعض الأسماء الداعمة للنظام الأسدي في الغرب؟ بالواقع لا، هناك سياسيون غربيون يعارضون سياسة بلادهم لكن ليس من باب دعم النظام السوري، بل من باب رفض السياسة الإمبريالية التي تسبب الحروب، والنظام الاقتصاد العالمي الجديد الذي يسبب أضرارا هائلة بالبيئة، ومن هؤلاء الأميركيون دينس كوسينيش Dennis Kucinich وتولسي غابارد Tulsi Gabbard.

هل يوجد أصدقاء للمعارضة مثل أصدقاء بشار؟ ظاهريا وحسب ادعاء النظام فالمعارضة مختصرة في المنهج القاعدي عبر داعش والنصرة، وحلفائها هم الامبريالية والدول التي يسميها وهابية أو عثمانية. بكل الأحوال، غالب جسد المعارضة، وهنا نعني السوريين العاديين المعارضين وليس الهيئات الرسمية والأمراء المفروضين عليهم، يرفضون المنهج القاعدي والتكفيري، ويصرخون ضد النظم الإقليمية والدولية التي استغلت المأساة السوية لصالحها؛ والدليل أن نظام الأسد ما زال قائما، فمن الحماقة تصديق أن حكومات الخليج وتركيا والغرب قد وضعوا كل ثقلهم بعد اندلاع الثورة السورية لإسقاط النظام السوري، كل ما في الأمر أن الغرب فضل موقع إدارة الأزمة وترك دول الإقليم تمارس صراعاتها فوق سوريا.

إن صداقة اليمين المتطرف الغربي العنصري للنظام السوري ينبع أساسا من تصادمه مع ظله في المرآة، أي الجماعات القاعدية الإسلامية، وبما أن هذا اليمين معارض لمجرد المعارضة لكل السياسات الغربية، فقد وجد على مبدأ “عدو عدوي صديقي” أن النظام السوري والروسي أيضا يشكلون أفضل حليف وداعم، كما وجد بهم تماثلا مع طروحه “عنصرية وعنف بربطة عنق وبارفان” بدل “العمامة والذقن”. يمكن أن نفهم (ولا نعذر أو نبرر) لعبة بوتين في صراعه السياسي المستعر مع الغرب واستقباله لكبار النازيين الجدد الغربيين، فهو على الأقل لا يدعي رئاسة دولة خسرت نصف شعبها بين شهيد ولاجيء، أما في سوريا فمن العار أن يفتخر أحد بصداقة النازية الجديدة، لكنها الحماقة وقد أعيّت من يداويها.

رابط مختصر: http://wp.me/P2RRDZ-wL

عن شبكة جيرون