Fri. Apr 19th, 2024

Alaa Alkhatib

علاء الخطيب

شريعة كارتر وفِقْه السوق العالمي

20/12/2013

علاء الدين الخطيب

في عام 1980 أعلن جيمي كارتر ما يسمى “شريعة(1) كارتر Carter Doctrine” بخصوص الشرق الاوسط والتي نصت حرفيا على: “Let our position be absolutely clear: An attempt by any outside force to gain control of the Persian Gulf region will be regarded as an assault on the vital interests of the United States of America, and such an assault will be repelled by any means necessary, including military force.” والتي تعني “يجب أن يكون موقفنا واضحا تماما: أي محاولة من جانب قوة خارجية للسيطرة على منطقة الخليج الفارسي سوف يعتبر بانه اعتداء على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية، وسيتم صد مثل هذا الهجوم بأي وسيلة ضرورية، بما في ذلك القوة العسكرية”.

هذا التصريح القوي الواضح والذي كتبه لكارتر مستشاره للأمن القومي زبنغيو بريجنسكي جاء ضمن رسىالة سياسية قوية موجهة لما اعتبرته الولايات المتحدة الأمريكية تهديدا لمصالحها الحيوية في منطقة الشرق الأوسط من قبل طرفين قلبا معادلة التوازن الهشة:

·         للحكومة السوفيتة التي اجتاحت عسكريا أفغانستان عام 1979 لتصبح على مرمى حجر من الخليج العربي وبالتالي أهم منابع النفط بالعالم.

·         لحكومة إيران بعد ثورة 1979 بقيادة الخميني، والتي أعلنت صراحة عداءها للولايات المتحدة. وأخرجت ثاني أكبر مصدر للنفط من السيطرة الغربية.

أهم نتائج هذه الشريعة السياسية على الصعيد العسكري كانت تشكيل قيادة عسكرية خاصة سميت “القيادة العسكرية المركزية USCENTCOM” او قوات التدخل السريع. فلم تكن حتى ذلك الوقت منطقة الشرق الأوسط تحظى بتغطية عسكرية كافية من قبل حلف الناتو مقارنة بقواته المنتشرة عبر المحيطات في مواجهة حلف وارسو.

رونالد ريغان وسع ودعم بسرعة كبيرة هذه القوات. وكان أول حضور مباشر لها خلال حرب حكومتي العراق وإيران. فبعد أن هاجمت إيران حاملات النفط الكويتية في الخليج العربي كرد على دعم حكومة الكويت لصدام حسين، قررت الإدارة الأمريكية رفع الكرت الأحمر بوجه الحكومة الإيرانية وبالتالي قررت رفع العلم الأمريكي على كل الناقلات الكويتية وتم تسيير حماية بحرية أمريكية لكل تلك الناقلات مما أجبر حكومة إيران على عدم معاودة تهديد الكويت.

التطبيق الحقيقي والكبير لشريعة كارتر كانت في عهد جورج بوش الأب بعد غزو صدام حسين للكويت 1990. حين تم تشكيل ما سميّ قوات الحلفاء التي حررت الكويت عام 1991 وأجبرت قوات صدام على الانسحاب للعراق.

war for

الملفت للنظر هنا، عندما بدأ بوش حملته الاعلامية للحصول على دعم الكونغرس والشارع الأمريكي للتدخل العسكري في الخليج أعلن بكل وضوح في آب وأيلول 1990 أن الهدف هو حماية مصالح امريكا بمنع رجل واحد هو صدام حسين من السيطرة على أكبر مخزون نفطي بالعالم. لكن كلامه هذا والخوف من الحرب خلق حالة رفض شعبي كبيرة بالولايات المتحدة. فخرجت المظاهرات الرافضة للحرب من أجل النفط ضمن الولايات المتحدة مما زاد صعوبة إقناع الكونغرس بقرار التدخل العسكري. نصح مستساري بوش بتغيير الخطاب الإعلامي. فكانت أول مرة يسمع بها العالم من رئيس أمريكا أن “أمريكا قلقة من تطوير العراق للسلاح النووي” وأنها ” قلقة من سيطرة ديكتاتور قاسي على بلد مسكين هو الكويت وأنها تتعامل مع هتلر جديد” وعند ذلك فقط حظي بوش بموافقة الكونغرس. ولم يعد جورج بوش الأب بعدها لذكر النفط في كل كلامه الإعلامي قبل وخلال وبعد الحرب.

على سيرة حرب 1991، كانت النكتة بذلك الوقت هي الرواية الأمريكية التي تقول أن الملك فهد كان بين خيارين: أن يأتي الأمريكيون لحمايته، او يأتي أسامة بن لادن مع مقاتليه من أفغانستان لحمايته. وهنا تتابع الرواية الأمريكية أن شطارة ديك تشيني كانت المفتاح في إقناع الملك فهد في قبول دخول القوات الأمريكية للسعودية مع تعهد بإخراجها متى ما طلبت الحكومة السعودية ذلك. المضحك بالموضوع أن الرواية الأمريكية الرسمية التي يتداولها الكثيرون حول هذه النقطة تطرح سؤالا بديهيا “هل كان الملك فهد ومستشاريه أصحاب الخبرة الممتدة 50 سنة فعلا بحيرة بين “زعيم عصابة” هم خلقوه مع 20 ألف مقاتل بدون خبرات عسكرية وبين أقوى جيش بالعالم تقنيا وعسكريا ولوجيستيا في مواجهة واحد من أقوى جيوش الشرق الأوسط أي جيش صدام حسين؟ وهل فعلا كان آل سعود سيفكرون للحظة بالمقارنة بين حليفهم منذ 1945 -أي منذ اتفاقية المللك عبد العزيز مع روزفلت- مع أحد منافسيهم بحكم السعودية آل لادن وهم أكثر الناس دراية بتقلب الفتاوى الدينية حسب المصالح؟

نشير أخيرا أن الأمريكيين لم يتابعوا الحرب وصولا لبغداد رغم سهولة ذلك عسكريا. لذلك كان لزاما بقاء القوات الأمريكية على التراب السعودي للتأكد من صلابة الحصار المفروض على العراق تحت حكم صدام حسين.

20/12/2013

 

(1) ارتأينا ترجمة Doctrine بكلمة “شريعة” لانها تناسب معناها باللغة الانجليزية أكثر من الترجمة الشائعة “مبدأ” أو “عقيدة”