Fri. Mar 29th, 2024

Alaa Alkhatib

علاء الخطيب

النفط في سوريا وأساطير لعبة الدم

18/07/2014

علاء الدين الخطيب

لمحة تاريخية:

حسب الوكالة الأمريكية للطاقة  EIA وشركة النفط البريطانية BP بلغ احتياطي سورية المؤكد من النفط بالعام 2011 حوالي 2,500 مليون برميل (للمقارنة، الاحتياطي المؤكدللعراق 143,000 مليون برميل، لقطر 24,000 مليون برميل). بلغت ذروة الاحتياطي حوالي 3,000 مليون برميل بعام 1990. وصل التصدير بوسط التسعينات من القرن الماضي لحدود 350,000 برميل يوميا. لكنه تراجع منذ 2005. تزايد الاستهلاك المحلي بسرعة ليصل عام 2010 تقريبا إلى 250,000 برميل يوميا.

كان يتم نقل النفط من حقول الاستخراج إلى مصفاتي حمص وبانياس وموانيء تصدير النفط الخام عبر أنابيب تبلغ استطاعتها حوالي 350,000 برميل من النفط الخام باليوم، بالإضافة لخط توزيع المنتجات النفطية من المصافتين إلى المدن الرئيسية بطاقة تقارب 500,000 طن بالسنة. 

حاليا:

انسحب النظام راغبا وأحيانا مرغما من الحقول الأساسية وبالتالي سحب معه الخبرات التقنية كلها. فاستولى قادات الفصائل الإسلاموية على هذه الحقول وخاضوا معارك دموية حولها واليوم استقرت السيطرة لداعش على معظمها.syria_pipes

تابعت هذه الفصائل الاستخراج ببعض الحقول وبأساليب بدائية جدا ودون أي معايير حماية للعمال وللبيئة المحيطة (الآثار البيئية بحاجة لدراسة مستقلة). وبدأت ببيعه حسب إمكانيات استخراجها وإمكانيات النقل المتوفرة لديها.

لكن هل فعلا تستطيع هذه الفصائل استخراج أكثر من 150,000 برميل يوميا وبيعهم كما يشاع ويردد الإعلام وبعض السياسيين الجهلة؟

أولا: ما تبقى من أنابيب نقل النفط هي بالنهاية تحت سيطرة النظام. ويُقال وفق عدة مصادر أن النظام السوري يشتري بعض النفط المضخوخ بما تبقى من أنابيب.

ثانيا: لنتخيل عدد وحجم الصهاريج التي يمكن أن تنقل هذه الكمية الهائلة من النفط. إن أكبر صهاريج نقل النفط المصنعة بالعالم تصل حمولتها بالحد الأقصى إلى 300 برميل (أكثر من 45000ليتر). هذا يعني أنك بحاجة ل500 صهريج عملاق تملؤها صباحا وتسير لجهة  التصدير وتعود ليلا.

طبعا نحن هنا نفترض ان الحقول متجمعة بنقطة واحدة، والمشتري ينتظر عند نقطة محددة وقريبة تسمح للصهريج بهذه الرحلة اليومية. وهذه الصهاريج العملاقة متوفرة بسهولة.

إذا احتمال الصهاريج باطل موضوعيا لنقل هذه الكميات الهائلة. ما يمكن توفيره من صهاريج بهذه الظروف الأمنية لا يمكن أن تتجاوز طاقة نقلها بضعة آلاف من البراميل يوميا.

إذا الكمية الأكبر تمر عبر الأنابيب الواقعة تحت سيطرة النظام وبالتالي فالنظام نفسه يساهم بتزايد غنى هذه الفصائل وقوتها.

أين يمروا ومن يشتري؟

الكمية المباعة أقل بكثير مما هو شائع ومبالغ به لأهداف سياسية. لكن من هو الزبون الآخر الذي يشتري بخلاف النظام السوري؟ من الواضح أنهم مهربون يمرون بسهولة عبر حدود العراق وتركيا بالإضافة لما يشتريه النظام عبر الأنابيب.

من الأرقام المبيّنة أعلاه يمكننا الجزم أن عمليات الاستخراج والبيع (حتى مع بضع عشرات من الصحاريج يوميا) لم ولا يمكن أن تتم دون تنسيق من تحت الطاولة بين النظام السوري والعراقي والتركي.

برأيي أن الزبون الأكبر لهذا النفط هو النظام السوري نفسه، ففي عام 2013 وفق EIA  إيران قدمت وسطيا 30,000 برميل يوميا لسوريا. وبافتراض أن الحالة الكارثية أدت لخفض الاستهلاك لنصفه فإن النظام السوري ما زال الزبون الأكبر لهذه الحقول (غير متجاهلين حقول الشمال الشرقي).

النتيجة:
ما زال النفط السوري تحت رحمة السرقة والفساد بتفاهم واضح بين قادات الفصائل ورجالات من النظام السوري وكذلك العراقي والتركي. لكن ليس بالكميات المتداولة بل بكميات تمثل شيئا ضخما لثروات أفراد من قادات هذه الفصائل والمتعاملين معهم.

الأهم أن هذا النفط لا يمكن أن يكفي مصاريف داعش أو النصرة أو غيرهم. هذه الفصائل ما زالت تحصل على تمويل حرام -شرعا واخلاقا- من حكومات الإقليم كلها مع النظام السوري نفسه.

مواضيع ذات صلة:

عقد الغاز السوري الروسي بين الحقيقة والخيال

18/07/2014