Sat. Apr 20th, 2024

Alaa Alkhatib

علاء الخطيب

يجب أن تحضر إيران جنيف2

11/01/2014

علاء الدين الخطيب

يجب أن تحضر إيران جنيف2

التاريخ والواقع البشري مليء بطاولات التفاوض التي أقيمت بين أشرس الأعداء ومهما بلغ حجم الدم أو المأساة. فلو نظرنا بعيدا في التاريخ وقرأنا صلح الحديبية لوجدنا أن “قائد” المسلمين الرسول الكريم رفض الانصياع للنداء الشعبي العاطفي المحيط به (كيف نصالح قريشا ونقبل شروطهم المهينة بعد كل ما فعلوه ونحن الآن أقوى منهم؟). لقد كانت ميزة “القائد” هنا، ولسنا بصدد الكلام عن النبوة، هي بعد النظر الاستراتيجي لمصالح جماعته. ففي اللحظة الحرجة على القائد أن يتخذ القرار الصحيح الاستراتيجي حتى لو تعارض مع عواطف غالبية الناس. وبعد ذلك فالتاريخ البشري مليء بالأمثلة المشابهة، فلا أحد يستطيع أن يزاود على كمية الألم والدم والدمار التي حاقت باليابانيين أو الفيتناميين أو الأوروبيين بعد الحرب الثانية ورغم ذلك تفاوضوا مع عدوهم لأنهم أرادوا ضمان مستقبل الوطن.

ليس من الاكتشاف العبقري القول أن قوة النظام السوري تستند أساسا وبشكل مصيري على دعم وتوجيهات النظام الإيراني أولا، ومن ثم الحكومة الروسية والصينية. وليس من المعقول استمرار هذا الخطاب التوهيمي حول “النصر المؤزر” العسكري، خطاب اجتراري لعقلية المهلهل وعنترة أكثر منه اقتداءً بعقلية صناع الدول ومؤسيسها، خطاب يبيع الوهم بالاعتماد على قرارات حكومات الإقليم العربي وتركيا والناتو ضمن صراع السوق، خطاب لا يمكن فهم أساسه الأخلاقي يوم يقول أن نصرا سيأتي بعد استشهاد حوالي 200 ألف سوري، بغالبيتهم لم يسألهم أحد “هل تريدون الشهادة لينتصر خطابنا؟”.

السؤال في سوريا الآن، وبعد أن تمت سرقة الثورة السورية لحساب الصراع العالمي بين معسكر الغرب، الخليج العربي، تركيا ضد معسكر روسيا، الصين، إيران، والنظام السوري، هو: من يمتلك أوراق القوة على الأرض السورية؟ هذا السؤال هو أساس العمل للوصول لحل ينقذ ما تبقى من . من الواضح لكل ذي عقل أن أصحاب القرار بإنهاء مأساة  هم بالتحديد حكومات: إيران، روسيا، الصين، السعودية، قطر، تركيا، الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، بريطانيا. وبما أن الحكومات الغربية ما زالت مصرة على إبقاء أصابعها نظيفة وتسليم الملف السوري لحكومات السعودية وقطر وتركيا، وبما أن روسيا والصين يتبنيان بقوة مصلحة الحكومة الإيرانية. فأي مؤتمر أو اتفاق لا يضم التزاما واضحا محددا من حكومات إيران والسعودية وقطر وتركيا في إنهاء المأساة السورية هو مؤتمر واتفاق فاشل مسبقا.

من الواضح بظل التطورات خلال الشهور الماضية ابتداء من زيارة بندر بن سلطان لموسكو بالصيف الماضي ومرورا بالاتفاقية الإيرانية الغربية حول الملف النووي، وتوسيع الصين وروسيا لمجالهما العسكري العالمي، أن صراع النظامين السعودي والإيراني مستمر وبشراسة. فكلا الحُكمين يعلمان أن التصالح هو تهديد لسلطة النظامين بعد أن يفقدا المبرر “الشعبوي الإسلاموي” بإحياء حروب الفتنة الكبرى بين السنة والشيعة. وساحة الصراع السورية هي مجال صراعهما المصيري الآن بما اكتسباه من خبرة في تجنب الاحتكاكات والحروب المباشرة. ربما لا تكون خبرتهما بل قانون الصراع العالمي بين روسيا والصين ضد الغرب.

لقد فرض المعسكر الغربي من خلال الحكم السعودي والقطري وضع فيتو كبير على حضور إيران لمؤتمر جنيف2، وقد رحب الحكم الإيراني بهذا القرار ليبقى بعيدا عن أي التزام قانوني أو رسمي. هذا الفيتو أيضا صبّ في مصلحة النظام السوري الذي ما زال يسعى لتحقيق نصره فوق بحيرات الدم السورية.

المفجع حقا هو تهافت كثير من مشاهير المعارضة السورية على تبني المنهج السعودي القطري الغربي والسباحة مع تيار الإعلام الشعبوي المنافق لمشاعر شعب أضناه القتل والتقتيل والتشريد. المعارضة التي لا تتخاطب بوضوح وحزم مع الناس وتتعالى فوق الآلام إما أنها معارضة ساذجة مغيبة العقل، أو انتهازية تسعى للسلطة ولمصالح محدودة.

يبقى العتب الأخير على هيئة التنسيق الوطنية التي لم تجرؤ على إعلان موقف حازم واضح يصر على حضور إيران مع السعودية وقطر لإن لا حل بسوريا بدون أن يساوم هذان الطرفان مصالحهما مع بعض (بالواقع لقد أصبحوا ثلاثة أطراف حاليا). وتستمر الهيئة بمنهجها الخشبي بإهمال النداء الشعبي والوعي العام السوري.

11/01/2014