Fri. Mar 29th, 2024

Alaa Alkhatib

علاء الخطيب

لماذا لا تخشى إسرائيل النظام السوري ولا الإسلاموية الجهادوية

21/04/2014

 علاء الدين الخطيب

من المؤكد أن محبي أحد المذكورين بالعنوان لا يعجبهم هذا الربط. لكن لننظر للموضوع بموضوعية ودون شعاراتية عاطفية.

منذ تأسيس إسرائيل ككيان غير شرعي على أرض الفلسطينيين قامت هذه الدولة على حامل أساسي وهو “ربط مُحكم لمصالحها بمصالح المعسكر الغربي” مما يستدعي حكما حمايةً غربية لصيقة لا يستطيع أحد كسرها باعتبار أن هذا المعسكر ما زال هو الأقوى بالعالم من كل النواحي. هذه المصلحة هي ضمن الصراع الأزلي للسيطرة على السوق العالمي. فإسرائيل تشكل بحكم الموقع الجغرافي نقطة ارتكاز المعسكر الغربي في مواجهة السوفييت سابقا، ومعسكر روسيا والصين حاليا، وبنفس الوقت هي دولة هجينة غير قادرة على النمو الذاتي باستقلال عن الغرب، فهي تمثل مصلحة استراتيجية لا يمكن لصناع القرار الغربي التهاون حولها.people money

ومثلما حصل عبر كل التاريخ البشري فنزاع السلطات السياسية بين الدول بحاجة دائمة لمبرر أخلاقي ونفسي يضمن حشد الجماهير في حروب هذه السلطات، فهذا الوجود القسري لإسرائيل كان وما زال بحاجة لمبررات أخلاقية ونفسية على المستوى الشعبي الغربي والإسرائيلي. في المعسكر الغربي كانت مجازر الهولوكست كفيلة بمحوِ أي تساؤلات شعبية حول إسرائيل طوال أربعة عقود. مع سرعة تحول العالم لقرية صغيرة وتخلص الأجيال الغربية من عقدة الهولوكست ورؤيتهم لبعض الحقيقة بدأ الرأي العام الغربي يميل أكثر ضد إسرائيل. ومنذ التسعينات انتقل الإعلام الغربي للتركيز على مقولة “حسنا، لننسى الماضي. هل نترك إسرائيل وحيدة ضمن محيط من العداء العربي والإسلامي حولها”.

ضمن سيناريو الترعيب المتبادل، كان لا بد في الثمانينات من إخراج أكبر قوة تحادِد إسرائيل وهي مصر عبر اتفاقيات ملزمة وقوية ضمنها الغرب. هذه الاتفاقيات كانت ضمن استراتيجية إنهاء خطورة مصر كأكبر قوة بالمنطقة، والاحتفاظ بالأعداء الآخرين الأقل قوة وحجما سواء في سوريا كبلد أو عبر المنظمات الفلسطينية وبعض اللبنانية.

بظهور المجموعات الإسلاموية الجهادوية منذ التسعينات وخاصة بعد جريمة تفجير الأبراج ظهر طوق نجاة جديد “هل تسمعون الإرهابيين الإسلاميين، إنهم يريدون حرق إسرائيل والغرب معها”.

الناحية الثانية والأهم مما ذكرناه سابقا في استراتيجية “الخوف” هي حماية وحدة الشعب الإسرائيلي من خلال الحفاظ على “غول الرعب من الجيران” قائما وقويا. فالإسرائيليون بالمحصلة النهائية هم خليط عرقي وقومي وثقافي متباين بشدة وعملية صهر الشعوب لا يمكن أن تحصل خلال بضعة أجيال فقط، بل هي عملية طويلة المدى ومحفوفة بالمخاطر. فصناع القرار الإسرائيلي الحقيقيون (داخل وخارج إسرائيل) يدركون تماما أن استمرار وجود إسرائيل مرهون بعزلها الكامل عن المحيط. فمن الواضح أن السلام الشامل والتطبيع الكامل بمعنى فتح الحدود والعلاقات سيؤدي لزوال إسرائيل خلال بضعة أجيال كدولة لليهود ضمن بحر من الجيران الغير يهود. وكذلك فإن عيش الإسرائيليين مرتاحي البال من عدو خارجي واضح سيعيدهم إلى مشكلات مجتمعهم العميقة والخطيرة.

ما حدث بالمنطقة والعالم منذ بداية الألفية الثالثة أن هذه الحكاوي بدأت تنهار. وخاصة منذ بداية الربيع العربي. فما عادت إسطوانة “احموا الإسرائيليين المساكين الديمقراطيين من جيرانهم المتوحشين” قابلة للتصديق في الشارع الغربي وحتى في الشارع الإسرائيلي. هذا الانهيار حصل على ثلاث محاور:

1-    قلتم لنا أن سوريا وجيشها ونظامها خطر دائم على إسرائيل، لكننا نرى الآن أن النظام بسوريا قتل من السوريين في 3 سنين أكثر بكثير جدا مما قتله من إسرائيليين خلال 40 سنة.

2-    قلتم لنا أن إيران بنظامها الإسلامي وسلاحها النووي المزعوم تريد إبادة إسرائيل تمهيدا لمحاربة أوروبة نفسها. لكن ها نحن نراها تستجدي مراضاة السوق الغربي مقابل النووي والأهم أنها مسكونة برعب “الوهابيين” وتوجّه إمكانياتها أكثر لحروب بالوكالة مع النظام السعودي فوق الأرض السورية مع قادات حزب الله وبعض الفصائل العراقية.

3-    قلتم لنا أن المجموعات الإرهابية من فصيلة القاعدة تريد رمي الإسرائيليين بالبحر أو قتلهم وأن المال النفطي العربي وراءهم يزيد من قوتهم. لكن ها نحن نرى أن المتحكمين بهذه الفصائل والأموال قد قتلوا من المسلمين أكثر بكثير من غيرهم. بل إن إعلامهم يقول بوضوح أن عدوه ورعبه الأول والأخطر هو إيران وليس إسرائيل.

لقد أصبحت نكتة ممجوجة الآن إن قال أحدهم في إسرائيل نفسها أو في العالم “مسكينة إسرائيل، النظام السوري والإيراني يريدون قتالها، والإرهاب الإسلاموي القاعدي يريد حرقها، والمال النفطي العربي يغذي تدميرها”.

هذه الورطة الكبيرة التي وقع بها صناع القرار الغربي والإسرائيلي تبدو مستعصية على الحل الآن. وعامل التخويف بدأ ينهار سواء في الشارع الإسرائيلي أو الغربي. فضمن النظام الغربي والإسرائيلي ورغم كل الإمكانيات المادية والعلمية في صناعة الرأي العام يبقى هذا الرأي العام مصدر خطر بعيد المدى تعلم النظام الغربي أن يلاحقه ويحسب حسابه بدقة عالية.

لا أتوقع أن النظام السوري أو الإيراني رأى هذا المفصل في حركة السياسة الغربية، لكن بحكم العادة فهو ما زال يسير على نفس النهج الإعلاموي الشعبوي بادعاء معاداة إسرائيل. ولهذا ما زال أقرب للمصلحة البعيدة المدى للسياسة الإسرائيلة منه من التيار الإسلاموي الجهادوي الذي تورط أكثر بالنداءات الطائفية السنية الشيعية مما أبعده عن احتمالية احتلال “المكان المقدس لعدو إسرائيل“. خاصة مع ظهور أصوات ساذجة سياسية مثل السيد كمال اللبواني ومن شايعه في طلب النجدة من إسرائيل مقابل ضمان لجم داعش والنصرة عن قتالها، الذي ظهر كحماقة سوداء في خضم هذا الليل الحالك.

وبما أننا ذكرنا بعض النكات المنتشرة خارج قطاعنا كأهل لهذه البلاد، فلا بد من التذكير بالنكات المنتشرة في قطاعنا السوري والعربي والإيراني والتركي حول “أنتم عملاء وحلفاء إسرائيل”. حكاوي وشعارات يحارب بها قادات وإعلام كل الأطراف بعضهم البعض بمسرحيات كوميدية دامية على الأرض السورية.

21/04/2014