Thu. Mar 28th, 2024

Alaa Alkhatib

علاء الخطيب

أخطاء أم خطايا، الائتلاف والمجلس السوريين

ميشيل كيلو وبرهان غليون نموذجا

06/02/2014

علاء الدين الخطيب

يقولون “من لا يعمل لا يخطيء” وأن كل إنسان معرض للخطأ وخير الخطّائين التوابون. كلام فيه حكمة وحقيقة أكيدة، لكن السؤال هل هو صحيح بمطلقه؟ هل يكفي أن نقول لمختلس “آه، أنت أخطأت. لكن هذا هو الإنسان، لك عذرك تابع عملك في مركزك”؟. أعتقد أن الجواب واضح عند الكثيرين، لا يمكن للمجتمع الإنساني أن يحافظ على ذاته إذا خلط بين “أسباب ومبررات الفعل الخاطيء” وبين “حق المجتمع بالأمان والسلامة والعدل”. لننتقل سريعا لمأساتنا السورية ونسأل نفس السؤال “هل يمكننا قبول عذر أي إنسان  أخطأ في سوريا تحت سقف هذه الفكرة؟”، أيضا الجواب واضح كما أعتقد “طبعا، يمكن التسامح لكن وفق معايير حول حجم الخطأ ونتائجه، والأهم اعتراف المخطيء بخطئه”. وإلا لماذا كانت الثورة السورية إذا كنّا سنرى كل جرائم النظام السوري في سوريا كأخطاء لبشر خطّائين؟.

بداية لا بد من الإشارة أن مبدأ “لا لشخصنة الخلاف” صحيح إذا كان خلافا فكريا أو كلاميا. لكن عندما يصبح الشخص ذو مكانة سلطوية أو إعلامية أو سياسية فهو ليس مثل إنسان يجلس مع صحبه أو كاتب صحفي عادي يقول رأيا. هذه الشخصية المشهورة أصبحت حقا للناس بتقييمها لأن كلامها وتصرفاتها ذات أثر عام شامل. وطبعا هذا الحق لا يعني أيضا الكلام عن الحياة الخاصة لهذه الشخصية.

الثورة السورية كانت قرار شعبيا بحتا اتخذه جزء كبير من الشعب السوري دون قائد أو ممثل أو موجه لهم. لكن تطورات الأحداث فرضت صعود أسماء سخّر لها الإعلام والقرار السياسي شهرة كبيرة وأصبحت بمقام “ممثل للثورة السورية”. ولعل أهم الأسماء هي السادة: هيثم مناع، برهان غليون، ميشيل كيلو، معاذ الخطيب، جورج صبرا، أحمد الجربا. بغض النظر عن الخلافات الهائلة بين هذه الأسماء لكنها حازت شهرة كبيرة سواء أحبها أو كرهها من يعرفها، ولكل منهم أخطاؤه الكبيرة التي لم نسمع أيا منهم يراجعها.

بالشهور الأخيرة فرضت الحكومة السعودية على الائتلاف الوطني المفروض دوليا كممثل للشعب السوري قيادة تتمركز بالسادة كيلو وغليون والجربا. ولو تحدثنا عن المهندسين في هذه المجموعة ممن يهتمون بإدارة السلوك السياسي فالواضح أن السيد الجربا مجرد واجهة فضّل الزميلان الأخران البقاء خلفها إعلاميا. تاريخ السيدين كيلو وغليون الفكري والسياسي تاريخ مشرف طبعا لا يمكن نكرانه أو تجاهله، ومعاناة السيد كيلو بالسجن السياسي وخلال الثورة أيضا حق تاريخي لهذا المناضل. لكن مهما بلغ هذا التاريخ لهاتين الشخصيتين اللتين تريدان توجيه كفة العمل التمثيلي للثورة الشعبية فلا يمثل ذلك حصانة لهما من المساءلة. هذه المساءلة تتلخص في تصريحين أساسيين لهما تناغما مع خطية كبرى قادها المجلس ثم الائتلاف بحق الثورة السورية:

·        السيد غليون وبندوة في مركز الجزيرة بتاريخ 4 حزيران 2012 قال ما نصه (اذا أصرت روسيا على مواقفها العدائية سيتم إعلانها “عدوا للشعب السوري)1.

·        السيد كيلو بتصريح في 24 تشرين أول 2012 لجريدة البيان الإماراتية قال ما نصه (المعارضة التي تقبل دعوة موسكو في مثل تلك الظروف بأنها «خائنة لشعبها»)2.

والآن كلا السيدين يديران عملية التفاوض مع النظام ومع روسيا بل ويدافعان عن موقفها. طبعا لست ضد التفاوض بل أومن به بقوة منذ نهاية 2011 يوم تكشفت بشكل واضح أن سوريا قرار استراتيجي لعله الأهم لكل حكومات الدول المتدخلة بالأزمة السورية. لكن ما أريد طرحه هنا وسؤال المناضلين الكبيرين عنه ومن معهم من الائتلاف والمجلس:

·        هل يا أساتذتنا، لم تسمعوا بذلك التاريخ وبالذات بربيع 2012 يوم وصل النظام السوري لأضعف حالاته بأن قراءة التاريخ والواقع السياسي والإقتصادي للعالم يجبرنا كسوريين أن نفاوض حكومات روسيا وإيران والنظام السوري؟

·        هل يا أساتذتنا، لم تسمعوا أحدا يحذركم أن وعود السياسيين في الأزمات الكبرى هي مثل الماء في غربال، وأن أي وعد شفهي من أي سياسي لا قيمة له ما لم يكن معلنا بشكل واضح قاطع وموقعا بالتزام رسمي؟

·        هل يا أساتذتنا، لم تعرفوا ما هي قوة النظام وحلفائه وبطشه واستعداده لحرق البلد كي لا يخسر السلطة؟

·        هل يا أساتذتنا، أنتم جاهلون بتاريخ ضياع فلسطين وما صاحبه من كذب ودجل من قبل كل سياسيّ العالم، وما صاحبه من فرض لموازين القوى الدولية باللحظات الحرجة، وما صاحبه من غباء أو انتهازية عربية وفلسطينية بالتفاوض؟ ناهيك عن لبنان والعراق؟Slide41

·        هل يا أساتذتنا، كنتم قد سمعتم بكل ذلك لكن تحليلاتكم وقراءتكم للواقع السياسي العسكري الإقتصادي كانت مختلفة فاتبعتم “حكمتكم الشخصية” في إدارة ما تستطيعون إدارته والآن فقط اكتشفتم خطأكم؟ واستتباعا هل تقدمتم باعتذار وتوضيح للشعب السوري على هذه الأخطاء؟ هل فكرتم أن المسؤولية التاريخية كانت أكبر من أكتافكم ففتحتم بابكم للشعب السوري؟

هذه الأسئلة الأساسية يا من كنتم أساتذتنا، ليست من باب اللوم والتقريع أو الفضائحية كما قد يرد بعض المؤمنين بكم، بل من باب التحذير من تكرار نفس الأخطاء الآن. لأن لسان حالكم أيها السادة يقول أنكم لا تعترفون بالأخطاء وبالتالي لا تستطيعون مناقشة احتمال الخطأ بمنهجكم حاليا في إدراة عملية تفاوض “ممثل”  الثورة السورية حسبما فرضته الإرادة الدولية. فأنتم لم تجيبوا على الأسئلة الأساسية بعد، وهذه الأسئلة ما زالت هي نفسها منذ نهايات 2011:

·        ما هي مصالح حكومات روسيا والصين وحكومات الغرب في صراعهم على سوريا، وبالتالي مصالح حكومات إيران والسعودية وقطر وتركيا؟ فخطأ تحليلاتكم السابقة واضح من خطأ مواقفكم السابقة.

·        ما هي أوراق القوة التي تضعونها على طاولة التفاوض السياسي؟ فالتفاوض السياسي ليس سباقا بالتفلسف حول القانون والأخلاق والسلام وحقوق الإنسان، بل ميزان لأوراق قوة كل الأطراف، وحسب ثقل كل ورقة ينال صاحبها حصته. فأين أوراق قوتكم وأنتم لا أموال ولا سلاح؟ أما زلتم تصدقون أنها أموال حكومات ما تسمونهم “أصدقاء سوريا” وابتسامات سياسييهم؟ أو أنكم تصدقون أن هذه الحكومات التي موّلت ودعمت الفصائل الإسلاموية التي مع النظام السوري حولوا الثورة لحرب صفين سيضغطون لسوريا مستقلة حرة موحدة؟ أم تصدقون أن هذه الحكومات، التي رمت اللاجئين السوريين بعد أن طردهم النظام السوري من أرضهم ضحايا للجوع والبرد والمرض والأجندات السياسية، سيدعموكم لإعادة الحياة لسورية؟

·        هل يا أساتذة النضال الشعبي، حاولتم أن تستنهضوا أقوى ورقة تفاوض سياسي على الإطلاق وهي الشعب السوري، بأن تتوجهوا لهذا الشعب بخطاب يحاول إعادة توحيده وترميم بعض الشروخ التي دقها النظام السوري وما تسمونهم أصدقاء سوريا؟ هل جربتم أن تخاطبوه حتى على اليوتيوب بمشكاله اليومية وحرب الإعلام الطائفي المتوحشة عليه؟ هل جربتم أن تحصلوا على تأييد هذا الشارع أو جزء منه، لتجلسوا أمام مفاوضيكم بأقوى ورقة تفاوض سياسي؟

نجاة سوريا وأهلها ليست في سلاح يأتي من مال النفط العربي أو الإيراني ومصانع روسيا أو الغرب، وليست في ظلاميات شيوخ جهلة في قصور سلاطين العرب والإيرانيين والنظام السوري، وليست في تنظيرات كتب مهترئة. نجاة سوريا المستقبل تكمن فقط في توحيد الغالبية السورية خلف ممثل حقيقي للشعب السوري يستطيع أولا كسب ثقة الشعب السوري لإبقاء سوريا وطنا قائما موحدا. نجاة سوريا في إعلام نظيف متحرر من عقد الديكتاتورية والاسطورية واحقاد الشيوخ والسياسيين ومنطق الثأر والانتقام والشعبوية الانتهازية. سوريا تستحق محاسبة الذات يا أهل سوريا يا من تريدون لأطفالكم وطنا حقيقيا.

 

06/02/2014

1-    http://www.albayan.ae/one-world/arabs/2012-09-24-1.1733195

2-    http://studies.aljazeera.net/events/2012/06/2012612162245988746.htm