Sun. Apr 28th, 2024

Alaa Alkhatib

علاء الخطيب

سورية حتى العام 2011، ما بين الابن وأبيه

 

سوريا حتى العام 2011، ما بين الابن وأبيه

علاء الدين الخطيب

29 كانون الأول/ديسمبر 2022

مركز حرمون

1   مقدمة

قد تبدو العودة إلى ما قبل 2011 بالنسبة للكثيرين مضيعة وقت، خاصة وأن الكثير قد قيل من مختلف التيارات، وأن الوضع بات أكثر تعقيدا وتشابكا. لكن التاريخ والحاضر يقرر أن إعادة قراءة ما حصل في الماضي، وخاصة الماضي القريب المتصل بالحاضر، هو ضرورة أساسية لإيجاد حل لمشاكل الحاضر. وبنفس الوقت إعادة القراءة، تصب أيضا فيما يُشاع ويُروج حول أن النظام الأسدي هو الحل الأكثر قبولا لدى الدول المتورطة في سوريا، فإعادة تثبيت الحقائق التي رافقت النظام الأسدي خلال 40 سنة من حكم سوريا، ستساهم في تبديد هذه الادعاءات، لسبب أساسي هو، إن هذا النظام عاجز بنيويا وذاتيا، وبدون حدوث ما حدث بعد العام 2011، عن إدارة سوريا وحكمها، حتى وفق أقل معايير حكم الدول في القرن 21 كفاءة. كما أن جيلا كاملا قد كبر ووصل مرحلة الشباب خلال هذه الفترة الممتدة من 2011 وهم لديهم أسئلتهم الكبيرة حول سوريا، خاصة أنهم لم يروا من بلدهم سوى الحرب والدمار واللجوء، وحماية الحق الإنساني والقانوني للشعب السوري أمام الجيل الناشئ ضرورة وواجب أيضا.

تهدف هذه القراءة لتحليل ما حصل في سوريا، منذ وصول حافظ الأسد للسلطة في 1970 إلى عام 2011، واستقصاء الجواب حول سؤال: “هل ما حصل في سوريا في العام 2011 كان نتيجة حتمية لتراكمات عقود الحكم الاسدي الأربعة وما قبلهما من تاريخ طويل، أم مجرد حدث طارئ يمكن تفسيره وفق ألف تفسير؟” قد يكون هناك مئات وآلاف الأسئلة، وعشرات أضعافها من الأجوبة، لكن إن بقي السؤال والجواب يدور ضمن حدود اللحظة الحالية، وفق مقولة “لندع الماضي الآن ونبحث عن حل للمستقبل”، فستدور الأسئلة والأجوبة ضمن فضاء عبثي، لن يفيد أحدا، سوى من بنى الجواب مسبقا، ثم انتقى أي الأسئلة تناسب جوابه، وستبقى الأزمة مشتعلة بدون أي حل حقيقي. لذلك فإن القراءة الموضوعية للعقود الأربعة التي سبقت ثورة 2011، هي الوحيدة القادرة على التجاوب الصحيح مع كل الأسئلة.

لن يدخل التحليل هنا في متاهات التفاصيل والخبرات الشخصية، ولا بوضع مساطر تقييم معدة سلفا للأحداث، وفق أيدلوجية أو موقف فكري مسبق. هذه القراءة ستعتمد أولا على المقارنة بالحقائق والأرقام، وثانيا على المقارنة بدول الإقليم والعالم ماضيا وحاضرا.  والمسطرة الوحيدة المستخدمة للمعايرة ستكون مسطرة حقوق الإنسان وفق الشرعة الدولية، ومعايير بناء دولة المواطنة الحديثة والتجارب الدولية المعاصرة.

للوصول لقراءة موضوعية للتاريخ القريب، سيخدم سؤالَ البحث الأساسي سؤالٌ مواز لا يقل أهمية لكنه جزء من الأول ضمن الصيرورة التاريخية وهو، “هل كان بشار الأسد ونظام الحكم السوري يسير لإصلاح أخطاء الماضي بما فيه فترة حكم أبيه حافظ الأسد، أم كان مجرد استمرار لنظام الأب؟“. التحليل وفق هذه المنهجية، أي مقارنة حكم الأب والابن، سيوصلنا بالمحصلة لتكوين صورة موضوعية لحقيقة الوضع الذي وصلت له سوريا في العام 2011، وللإجابة على سؤالنا الأساسي.

قبل المضي في نقاشنا، من الواجب التوضيح أن الموضوعية لا تعني أن الكاتب لا موقف له من أطراف الصراع وصنَّاع المأساة؛ فالموضوعية تعني أن أسباب اتخاذ موقف من طرف ما، هي أسباب قائمة على الربط المنطقي بين الحقائق الموضوعية بعمقها، وليس وفق ما يراه المراقب على سطح الأحداث.

2 مدخل تاريخي حول المجتمع السوري

وقف المجتمع السوري في أواسط القرن العشرين، بعد الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي، أمام سؤال تأسيس الدولة السورية الحديثة بمواجهة سؤال المستقبل الكبير؛ وبنفس الوقت كان يحمل حملا تاريخيا ضخما، فيه من الإشراقات الحضارية بقدر ما فيه من الكبوات والمآسي. لقد كان مجتمعا محافظا ومتديِّنا عموما، لكنه بنفس الوقت يملك الكثير من الديناميكية والقدرات الكامنة لولوج بوابات الحداثة؛ ويملك أيضا طموحا جامحا لمستقبل مشرق، مثل أي مجتمع بشري يحلم بالأفضل.

ورث المجتمع السوري كغيره من المجتمعات سلوك التمييز بين البشر كمكون من مكونات الثقافة الموروثة السائدة، والتي نمت وسادت خلال قرون مثل كل مجتمع مركب وفق بنية سلطوية ديكتاتورية. لقد كان من تقاليد المجتمع السوري وما يمكن تسميته مجازاً “العقلية الجمعية”، منهج التمييز بين الناس وفق الدين، والطائفة، والعرق، والمنطقة، والمدينة والريف، والرجل والمرأة، والغني والفقير، وصاحب السلطة والخاضع للسلطة؛ ومن المهم هنا توضيح أن التمييز[1] يأتي بمعنى التصنيف وفق المعايير السابقة، مع وجود مستويات من الفصل والإقصاء الذي كان يسود كل المجتمعات البشرية، ولا يعني التمييز هنا المستوى الأكثر تطرفا الذي يستخدم العنف بشكل مستمر، مثلما حصل مثلا ضد اليهود في أوروبا تاريخيا.

فالمجتمع السوري كان مثل أي مجتمع محافظ في الدول النامية، يحاول تأسيس دولته الوطنية في القرن العشرين، بعد الاستقلال عن الاستعمار الغربي. إلا أن هذا التشابه مع دول ومجتمعات أخرى، يجب ألا يوقعنا في فخ التعميم السطحي، والذي يمكن توجيهه لخدمة أي فكرة مسبقة. فالمقارنة النسبية، بمعنى قياس مستوى قوة كل مركبات الثقافة والتقاليد والعقائد، ومقارنتها بالمجتمعات الأخرى، ومقارنتها ببعضها البعض، هو ضرورة أساسية لأي تحليل موضوعي. إن دراسة تاريخ سوريا الممتد على الأقل 10000 سنة من الحضارة والمدنية، يؤكد أنه لم يحصل في كل تاريخها حروب تحت راية عرقية أو دينية أو طائفية داخل سورية بحجم ضخم نسبيا يمكن مقارنته بالمناطق الأخرى أو وصلت لمستوى موجات تطهير عرقي أو ديني أو طائفي.

فلم يحصل في تاريخ سوريا الطويل ما يمكن مقارنته بما حدث في أوروبا في العصور الوسطى، وأثناء الحرب العالمية الثانية؛ ولا حتى بما حدث في بعض دول الجوار؛ ولم تختفِ أديان أو طوائف كاملة، مثلما اختفت المسيحية من تركيا وليبيا وتونس والجزائر والمغرب؛ ولا حصل انقلاب سريع لمذهب الناس مثلما حصل مع مصر يوم انقلب مسلموها من الطائفة السنية إلى الشيعية الفاطمية، ثم إلى السنية خلال 300 سنة فقط، قبل وخلال وبعد الحكم الفاطمي[2] لمصر.  

ما نجده في تاريخ سوريا هو بعض الفتن والحوادث هنا وهناك بين مكونات المقيمين على أرض سوريا بامتدادها الطبيعي. ففي القرن التاسع عشر حصلت اعتداءات دموية استهدفت المسيحيين في دمشق في العام 1860، وعُرفت تلك الاعتداءات باسم “طوشة النصارى” والتي أدت إلى مقتل أكثر من 5000 مسيحي في دمشق[3]، والتي كانت امتدادا لحرب أهلية أوسع بدأت في لبنان وامتدت إلى سوريا بين الموارنة من جهة وبين الدروز والمسلمين. لكن معظم القراءات التاريخية ترى أن تلك الحرب المؤلمة لم تكن فقط بسبب التنوع الطائفي، بل أيضا بسبب طبيعة الحكم العثماني الذي كان قد بدأ الدخول بمرحلة الانهيار والتخبط، خاصة منذ الصدام الكبير مع دولة محمد علي باشا في مصر في بدايات القرن التاسع عشر، بالإضافة لتدخل القوى الأوروبية وروسيا في الولايات التابعة للعثمانيين، والجميع كان يعمل باسم دعم الطوائف المسيحية في المنطقة.

يمكننا الزعم أن لا تاريخا مؤثرا نسبيا للعداء الطائفي أو العرقي أو الديني في سوريا كما كان يحصل في البلاد الأخرى. وهذا لا يعود طبعا لتفوق جيني أو عقلي لدى السوريين، بل يعود إلى قانون الجغرافية. فموقع سوريا في قلب العالم القديم المتحضر، أجبرها على أن تستقبل الغريب، سواء كان تاجرا أو غازيا أو لاجئا أو حتى محتلا. الموقع الجغرافي في وسط العالم القديم، وربما وفرة الموارد الطبيعية، أجبرت سكان سوريا على أن يكونوا منفتحين على التعدد البشري بكل أشكاله تاريخيا؛ كما أن هذا التوسط أجبر السوريين على التعامل مع توسعات الامبراطوريات المجاورة، سواء القادمة شرق الفرات ومناطق إيران الحالية، أو من أوروبا عبر هضبة الأناضول، أو من مصر، بديناميكية عالية مكنتهم من استيعاب الجميع. كذلك فإن ما حصل بلبنان منذ القرن التاسع عشر من حروب أهلية يضيف عاملاً أخر حمى سوريا الحالية من حروب شبيهة، وهو تركّز الصراع الجيوسياسي بين السلطنة العثمانية وبين القوى الأوروبية في القرن التاسع عشر من خلال ما جبل لبنان وما يُعرف الآن بلبنان، حيث وجد الفرنسيون والأوروبيون أن المدخل الأهم لشرق المتوسط، بعد أن كانوا قد سيطروا على شمال مصر والجزائر وامتلكوا ادوت سيطرة على كامل شمال إفريقيا، كان من خلال لبنان بحجة حماية المسيحيين هناك، وبالتالي كسب منافذ نفوذ في خاصرة السلطنة العثمانية التي كانت تعاني من مرحلة الشيخوخة والضعف.

أثبت المجتمع السوري، مثل العديد من مجتمعات المنطقة، حركية ومرونة كبيرة في الإقبال على معطيات الحضارة الحديثة، بدءا من أربعينات القرن العشرين، وماج المجتمع السوري في الخمسينات بالحركات السياسية والفكرية، وأيضا تحرك بسرعة في المجالات التجارية والصناعية والتعليمية. إلا أنه مثل كل دول المنطقة سرعان ما وقع تحت حكم ديكتاتوري شمولي إقصائي. الذي بدوره لجم وقمع هذا الحراك الطبيعي قبل أن يؤتي ثماره، ودفن طاقته الحركية عميقا في سجون القمع الأمني السلطوي. هذا ما بدأ مع فترة الوحدة السورية المصرية، التي أسست لنظام الحكم المركزي الشمولي وإجهاض الحياة السياسية وحلّ الأحزاب السياسية، ثم ترسخ هذا النظام الشمولي للحكم بشكل أقسى  بعد انقلاب 8 آذار/مارس 1963 بقيادة عدد من الضباط العسكريين المنتسبين لحزب البعث العربي الاشتراكي[4]، والذي أجبر المجتمع السوري بالحديد والنار على الارتداد إلى حالة السلبية والاستسلام للسلطة الديكتاتورية، وعلى الغرق في التفسير المؤامراتي والطائفي والقومي والغيبي مما أدخل المجتمع السوري في حالة جمود قسرية على كافة المستويات؛ فتم إجهاض مخاض الانتقال لعصر الحداثة والديمقراطية والحرية وبالتالي تأسيس الدولة الوطنية الحديثة.

3 السياسة الاقتصادية بين الأسدين

عاني الاقتصاد السوري من القمع مع سياسات حزب البعث منذ عام 1963، وخسر الكثير من فعالياته الاقتصادية التي هربت خارج سوريا. لم تتغير السياسة الاقتصادية جوهريا بعد انقلاب حافظ الأسد على رفاقه في 16 تشرين ثاني/نوفمبر 1970 سوى في تراجعه عن تطرف الرؤية اليسارية التي سادت قبله مما أعطى الرأسمال السوري الخاص بعض المجالات ليتحرك بها. لكن التنمية الاقتصادية بقيت متعثرة وتراوح مكانها ولا تتناسب مع موارد سوريا السكانية والطبيعية. وفي سبيل تعزيز سلطته وقوته أدار حافظ الأسد بمهارة ما يمكن تسميته “بنية الفساد” التي رسخت مرضا عضالا في الإدارة والاقتصاد السوري؛ وبنية الفساد أحد أدوات الحكم الديكتاتوري الأكثر نجاحا لحماية الديكتاتور، فمشاركة المكاسب مع طبقة محدودة من الأغنياء والمسؤولين الكبار في الدولة، يضع الحاكم الفرد في موقع الحامي وبنفس الوقت الجلاد الذي يستطيع بأي لحظة ضرب مصالح من يُشتبه بتمرده على السلطة المركزية. بكل الأحوال كان حافظ الأسد مستقبلا لسياسات المعسكر السوفييتي الاقتصادية والإدارية التي أثبت الزمن والواقع أنها كانت فاشلة في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام في كل دولة طبقتها.

3.1 فترة التسعينات والانفتاح الاقتصادي بين حافظ وبشار الأسد

لم يكن بشار الأسد من بدأ ما يُسمى سياسة الانفتاح الاقتصادي، بل كان قرارا اتخذه حافظ الأسد في بداية التسعينات، استجابة للتغيرات العالمية بعد سقوط السوفييت. فمع ذلك السقوط انهار الحلف السياسي الاقتصادي الذي كان يؤمن الحماية والاستمرار، للدول ذات النهج الاقتصادي المركزي المقيّد، والمتحالف مع المعسكر السوفييتي؛ وبالتالي كان لزاما على غالبية الدول الداخلة فيما كان يُسمى حلفاء المعسكر السوفييتي، أن تعدّل سياساتها الاقتصادية إلى ما يناسب قوانين اللعبة الجديدة، التي فرضها القطب العالمي المنتصر، وهو المعسكر الغربي الرأسمالي الليبرالي.

بالإضافة لذلك فإن حرب تحرير الكويت في بداية التسعينات وتداعياتها السياسية، والتي حدثت بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، ساعدت حافظ الأسد على فتح صفحة جديدة في علاقاته مع دول الخليج العربي، والدول الغربية، وبالتالي انتهت فترة الحصارات الاقتصادية التي واجهت سوريا خلال الثمانينات.

بمقارنة الأرقام المتعلقة بالحركة الاقتصادية، نجد أن النمو الاقتصادي الذي حصل في سوريا منذ نهاية التسعينات حتى العام 2007، أي إلى ما قبل الأزمة المالية العالمية، كان نتيجة حتمية لتغير بنية وقوانين السوق العالمي، وانتصار اتفاقيات تحرير التجارة العالمية، وحرية حركة الاستثمارات بين الدول؛ وليس بسبب سياسة متفوقة للنظام السوري كما يجري الترويج لذلك. فوسطي نمو الناتج المحلي الإجمالي السوري ما بين العامين 2000 و2007 كان حوالي 4.8 بالمئة، وهو أقل من مثيله في تركيا حيث كان 5.4 بالمئة، ومن الأردن 6.6 بالمئة، ومن مجمل الدول العربية 4.9 بالمئة؛ لكنه كان أعلى من تونس 4.5 بالمئة، ومصر 4.6 بالمئة، واليمن 4.2 بالمئة[5]، أي أن ما يُنسب إعلاميا لما سماه إعلام النظام السوري “حكمة القائد” من نمو اقتصادي، كان بالواقع نموا نتج عن موجة نمو اجتاحت العديد من بلدان العالم النامي كنتيجة للنمو الاقتصادي على المستوى العالمي بعد توسع اتفاقيات تحرير التجارة، وحرية حركة الاستثمارات؛ فتدفقت إلى سوريا الاستثمارات الأجنبية والتبادلات البنكية، خاصة بعد فتح الاقتصاد السوري، وهذا ما تؤكده المقارنة بين الاقتصاد السوري وبين دول المنطقة ودول العالم النامي.

مع ذلك لا بد من التنبيه إلى أن تأثر سوريا بسيطرة النظام العالمي الاقتصادي الجديد، لا يعني أن سوريا أصبحت مهبطا مفضلا للاستثمارات الأجنبية، فحسب مؤشرات أداء الأعمال Doing Business Indicators في العام 2009، كانت سوريا في مرتبه متأخرة عالميا هي 136 من أصل 181 دولة[6]، بينما كانت تركيا بالمرتبة 78، والأردن بالمرتبة 106، ومصر بالمرتبة 109.  

قد يُقال: لكن مؤشرا اقتصاديا واحدا لا يكفي لتقييم السياسة الاقتصادية لأي بلد. وهذا كلام صحيح عموما، لكن لتجنب الإطالة في التفاصيل الاقتصادية، يكفي إلقاء نظرة على مؤشر الفساد في سوريا. لإن مؤشر الفساد لا يقيس فقط حجم المعاملات غير القانونية في بلد ما، بل يقيس أيضا صحة ونجاح الخطط والسياسات الاقتصادية والتنموية للحكومات؛ فلا يمكن أن يزداد معدل الفساد في بلد، وبسرعة كبيرة، إن كانت حكومة هذا البلد تملك رؤية وخططا استراتيجية تنموية صحيحة. ما تبرزه الدراسات في سورية أن معدل الفساد قد زاد بسرعة كبيرة نسبيا، خلال نفس فترة النمو الاقتصادي مع حكم بشار الأسد، مما يؤكد أن النمو حصل بشكل فوضوي، وكتجاوب مع ازدهار حركة التجارة العالمية، ولم يحصل وفق خطط استراتيجية مدروسة متوسطة وبعيدة المدى تؤسس لاقتصاد قوي متماسك مستدام، بل حصل فقط كنسخ عشوائي لتجارب الدول الأخرى ضمن للقطاع الخاص صعودا سريعا في سوريا بسبب ترسخ بنية الفساد والفوضى الإدارية. فوفق بيانات منظمة الشفافية العالمية تراجع مؤشر مدركات الفساد[7] في سوريا من 34، وترتيبها بين دول العالم من المركز 66 في العام 2003، إلى مؤشر مدركات الفساد بقيمة 26، وإلى المركز 127 بين دول العالم[8] في العام 2010. وللمقارنة نجد أن مؤشر مدركات الفساد في تركيا خلال نفس الفترة تحسن من 31 إلى 44، وانتقلت تركيا من المركز 77 إلى المركز 56 بين دول العالم؛ أما الأردن فقد حافظت تقريبا على نفس المعدل حوالي 46، وقرب المركز 50 عالميا؛ أما تونس ومصر فقد عانوا تقريبا من نفس مشكلة سوريا في ازدياد معدلات الفساد.

المؤشرات الأخرى التي تثبت ضخامة حجم الفساد والفوضى في بنية الدولة، بالإضافة لمؤشر الفساد المذكور سابقا، هو ما ورد في مسح الشركات للعام 2009 في العالم، حيث ذكر أن العقبات الثلاث الأساسية التي تواجه الاستثمار في سوريا كانت: الفساد، وضعف مستوى تأهيل القوى العاملة، وعدم وثوقية التزويد بالطاقة الكهربائية؛ وبالمقارنة مع الدول الإقليمية، أضاف المسح، أن 80 بالمئة من الشركات ذكرت أنها مضطرة لتقديم “الهدايا للقطاع العام” كي يمكنهم إنجاز أعمالهم، مقارنة ب 37 بالمئة كمعدل إقليمي[9].

أما مشاكل الفقر والعطالة عن العمل، فرغم أن السوريين يعرفونها من خلال حياتهم اليومية، إلا أن الإحصائيات والقياسات المختصة تدلل عليها، بما يتجاوز الأخطاء التي قد يقع بها الأفراد. فبعد أن انخفضت نسبة الفقر في سوريا، ما بين 1996 و2003 من 15 إلى 11 بالمئة؛ عادت وارتفعت إلى 12.5 بالمئة في العام 2007، لكن العبء الأكبر تحمله الريف حيث وصلت معدل الفقر إلى 15 بالمئة، بينما في المدن كان حوالي 10 بالمئة في العام 2007. بالإضافة لذلك لم تتراجع نسبة العاطلين عن العمل بين السوريين منذ 1996 إلى 2007، حيث وصلت إلى 18 بالمئة عموما، وإلى 22 بالمئة بين الشباب[10] (الشكل 1).

الشكل 1، تغيّر معدلات الفقر والبطالة في سوريا من العام 1997 إلى العام 2007. يبين الخط الأزرق معدل الفقر الوسطي، الخط الأحمر المنقط معدل الفقر في الأرياف، الخط الأسود معدل الفقر في المدن، والخط البنفسجي معدل البطالة. من الواضح أن معدلات الفقر كانت تتراجع حتى العام 2004 إلا أنها عادت للتزايد بعد ذلك، أما معدل البطالة فبقي في ازدياد مستمر، وإن تباطأت سرعة التزايد بعد العام 2004

إذا كانت سوريا في العام 2010 تبدو بحالة اقتصادية جيدة من حيث الشكل؛ فقد كان يمكن بسهولة ملاحظة دخول أموال الاستثمار، ومظاهر البذخ والأبنية الحديثة والأسواق؛ لكن هذه المظاهر لم تكن خاصة بسوريا، فحتى في أفقر دول العالم، يمكن للسائح التمتع ببذخ الأبنية الفارهة، والخدمات الراقية، وأحدث السيارات والمنشآت. المعيار الحقيقي هو تغير المؤشرات الاقتصادية ومعدلات الفساد في الدولة مقارنة بالمحيط الإقليمي والدولي. ولعل معدلات الفساد هي الأكثر تعبيرا عن حقيقة النمو الاقتصادي واستدامته، لأن تزايده يؤكد أن توزيع الثروة توزيع ظالم، يترك فئات ضخمة من الشعب في حالة أفقر وأصعب، ويزيد الهوة بين الفقراء والأغنياء، بين المدن وبين الريف، بين المتنفذين ضمن السلطة وبين الآخرين.

العامل المهم أيضا كان اختلاف سياسة بشار الأسد عن سياسة أبيه، حيث كان حافظ الأسد حريصا على خلق توازن بين القوى الاقتصادية، متمثلة بالرأسمالية الدمشقية والحلبية التقليدية، والقوى الأمنية والعسكرية وبين القوى الإدارية كما سيرد لاحقا. ضمن هذا السياق كان فتح بشار الأسد لهذه الحواجز واختلاط مراكز السلطة الأمنية والعسكرية والإدارية مع الرأسمال والقطاع الاقتصادي ترسيخا لأزمة الفساد والفوضى الإدارية خصوصا مع الصعود الصاروخي لابن خاله محمد مخلوف.

4   العلاقات الدولية بين الأسدين

كما نوهنا سابقا، شكل انتهاء الحرب العراقية الإيرانية في نهاية الثمانينات، وحرب تحرير الكويت في بداية التسعينات، وسقوط السوفييت في نفس تلك الفترة، وظهور الغرب كقطب عالمي أوحد، دافعا أساسيا لحافظ الأسد لفتح صفحة جديدة مع الدول العربية والغرب وحتى إسرائيل. وعندما أتى بشار بعد أبيه سار على نفس النهج في الانفتاح الكامل على الجميع، وإرضاء كافة الدول. فهو لم يبتدع أيضا في السياسة الدولية، بالواقع كما تشير كثير من التقارير، وكثير من لقاءاته السابقة، واللاحقة لتوليه المنصب، أن علاقاته الدولية كانت ميراثا كاملا من أبيه، باستثناء العلاقات مع تركيا، التي تحرك على خطها بشار الأسد بتسارع أكبر من أبيه، وهذا يعود أساسا لوصول رجب طيب أردوغان وحزبه للسلطة في تركيا، مع استراتيجية واضحة بالانفتاح شرقا وجنوبا، وسياسة الصفر مشاكل، وليس لمهارة ديبلوماسية فذة لدى بشار الأسد، فالمبادرة بتحسين العلاقات وترك الماضي أتت من تركيا وليس من سوريا. فبشكل عام يمكن القول أن بشار الأسد بدأ بالانفتاح سياسيا وديبلوماسيا لتأسيس علاقات مع العديد من دول الإقليم والعالم، لكن مع ذلك لم يكن مساره ثابتا وواضحا عنده كاستراتيجية أكثر مما كان عملية انسجام مع الحالة الدولية السائدة ببداية الألفية الثالثة، التي بشكل عام شهدت تحسناً بالعلاقات السياسية الدولية توازيا مع اتفاقيات تحرير التجارة العالمية.

ظهر تعثر وضبابية سياسة بشار الأسد الدولية بسرعة نسبيا، فهو لم يستطع تعلم واكتساب خبرات أبيه الديبلوماسية في حساب موازين القوى والربح والخسارة. فارتكب، بالتشارك مع حزب الله، أخطاء كبيرة في لبنان، أهمها تورطهما في اغتيال الرئيس رفيق الحريري[11]، وهو رجل السعودية الأقرب والأهم. وبعد ذلك تهورهما في التسبب باشتعال حرب تموز 2006، حسبما قال حسن نصر الله نفسه بعد الحرب في اعتراف غير مباشر بالتهور[12]. فتلك الحرب لم تسبب فقط دمارا هائلا في لبنان، بل أدت أيضا إلى توتر كبير مع السعودية، بسبب طيش ما قاله بشار الأسد بعد الحرب، بطريقة غير معهودة بالعلاقات السياسية، ساخرا وغامزا من ناحية الموقف السعودي[13].

 كذلك دخل بشار بمقامرات خطيرة مع الأمريكيين في العراق، عندما فتح الباب أمام المقاتلين السلفيين الجهاديين لدخول العراق، وتأسيس ما عُرف لاحقا باسم الدولة الإسلامية في العراق[14]. هذه الجريمة بحق الشعب العراقي، ارتدت سريعا على الشعب السوري، عندما توسعت الدولة الإسلامية في العراق، خلال السنوات الأخيرة لتصبح الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”.

5  الحكم الشمولي المخابراتي بين الأسدين

زاد حافظ الأسد بسرعة قوة القهر الأمني والمخابراتي في سوريا مقارنة بمرحلة حكم حزب البعث ما بين 1963 و1970، وذلك للتخلص أولا من منافسيه بالمناصب العليا العسكرية والتنفيذية والحزبية، ولضمان أن يكون هو مركز الحكم المطلق في سوريا. وتزايدت قوة هذا الحكم الشمولي المخابراتي بشكل كبير في مرحلة الثمانينات بعد أن قرر حافظ الأسد استغلال الصدام الذي حصل مع الإخوان المسلمين في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات. فمن الثابت أن حافظ الأسد استخدم القوة والعنف المفرط، وارتكب مع رجالات دولته جرائم ضد الإنسانية بحجة محاربة الإخوان المسلمين؛ فرغم أنه في العام 1982 كان قد قضى على وجود حركة الإخوان المسلمين في سوريا، إلا أنه تابع التخلص من كل من يُشتبه أنه قد يفكر بمعارضة السلطة، بما في ذلك أخوه رفعت الأسد[15] وأتباعه من مسؤولين وضباط.

في مرحلة الثمانينات كان حافظ الأسد قد أكمل شكل الحكم المطلق في سوريا، معتمداً بشكل أساسي على منح الأجهزة المخابراتية والأمنية السلطة العليا[16]، ومن ثم السلطة العسكرية، ومن ثم السلطة الإدارية لمسؤولي الدولة الكبار، ورسخ تحالفه مع الطبقات الأغنى، ومع طبقة رجال الدين من كل الأديان والطوائف. وبتلك المرحلة ولفرض هذه البنية السلطوية وللخلاص من كل المناوئين استعان حافظ الأسد ليس فقط بالأجهزة الأمنية الرسمية، بل أيضا بتشكيلات شبه أمنية تعتمد على مليشيات أشد بطشا، وهنا تجدر الإشارة إلى أن ظهور مصطلح “الشبيحة” في سوريا كان في تلك الفترة وأطلق على عصابات ومافيات أسسها شخصيات قوية من عائلة الأسد القريبة، مارست تجارة التهريب غير القانونية والإرهاب ضد السوريين خاصة في منطقة الساحل وجبال الساحل. لذلك ورغم أن السلطة كانت قد تخلصت من كل المعارضين لحافظ الأسد بنهاية 1984، إلا أن أدوات القمع من خلال الأجهزة الأمنية ومليشيات القمع كانت تطلب المكافأة، وفعلا استمرت سوريا بحالة القمع الشديد للأنفاس والأفكار إلى بداية التسعينات. مع بداية التسعينات بدأ حافظ الأسد بإجراءات شكلية لتحسين الصورة الخارجية لسوريا بعد سقوط حلفائه السوفييت واضطراره للانتقال إلى تحسين علاقاته مع الغرب ودول الإقليم، لكن جوهر الهيكلية الحاكمة لم يتغير وسيطرة الأجهزة الأمنية لم تتراجع.

بالمحصلة دخل المجتمع السوري مرحلة التسعينات، وهي مرحلة نشوء ما يُسمى النظام العالمي الجديد، مقموعا وحاملا لرعب وخوف كبير من بطش السلطة الحاكمة بعد عقود من الحكم الشمولي.

توهم أو تمنى كثير من السوريين في العام 2000، أن قدوم رئيس شاب يبدو، من حيث الشكل، مسالما وهادئا، سيوفر مساحة أكبر من الحرية، وسيطلق سياسة إصلاحات شاملة. فازدهر ربيع دمشق في العام 2000، وانطلقت المنتديات الحوارية الهادفة والرزينة، حول الإصلاح وسبل النهوض بالواقع السوري، ولم تتجاوز مطالبها إجراء الإصلاحات من داخل النظام، ولم تصل أبدا إلى المساس بمنصب رئيس الجمهورية. لكن ولأن بشار الأسد ونظامه مجرد استمرار لنظام أبيه الشمولي المخابراتي، لم يعش الربيع سوى شهور عديدة، ليتم قمعه بسرعة، ويتم سجن الكثيرين ممن ساهموا في انطلاقته، بدون أي مبررات قانونية، وبدون أي مراعاة لا لحقوق المواطن السوري، ولا للمرحلة التاريخية التي كانت تهز العالم كله. فمع نهاية 2002 كانت غالبية المنابر الإعلامية التي حاولت فتح بعض هامش الحرية قد قُمعت[17]، وبالكاد بقي منتدى جمال الأتاسي كمنتدى معارض، وعاد السوريون إلى حالهم قبل وصول بشار إلى السلطة.

6 سياسة فرق تسد، واستغلال التنوع الطائفي والقومي في سوريا بين الأسدين

تعتبر سياسة “فرق تسد” أحد أهم أدوات الحكم، خاصة في الحكم الديكتاتوري، وفي حال احتلال دولة لدولة أخرى. فتفريق صف الأعداء الموجودين أو المحتملين هو أشد الأسلحة فعالية. وفي حال الحكم الديكتاتوري، الديكتاتور يلجأ للحرص على تفريق وتقسيم القوة الشعبية من ناحية، كما يحرص على توزيع السلطة في المستويات العليا لمصلحته، ليكون بكلا الحالين الديكتاتور هو المتحكم بالجميع، فيبدو حسب الحالة إما حاميا أو قامعا لهذه أو تلك المجموعة من الناس أو ضمن الهرم السلطوي.

حرص حافظ الأسد على ترسيخ مبدأ فرق تسد في بناء هرم السلطة الأسدي. فحرص على أن تكون مصالح المستوى الثاني من السلطة، وهم رؤوساء الأجهزة الأمنية والعسكرية والإدارية والحزبية، متناقضة فيما بينها بحيث يضمن أنهم لن يستطيعوا الاجتماع والتوحد ضده، كما فعل هو وضباط البعث في انقلاب 1963، أو كما فعل في انقلاب 1970. فمثلا لم يجمع القوة المخابراتية في سوريا ضمن جهاز واحد مركزي، بل حرص على توزيعها بين عدة أجهزة مخابراتية وأمنية، وعلى إبقائها بسلطة متقاربة تمنع أحدها أن يتغلب على الباقي.

في المنحى الآخر تعلم حافظ الأسد من خبراته السابقة ومن تجربته، ضرورة تنوع البنية الدينية والطائفية والقومية للمجتمع السوري، وثقافة التمييز المنتشرة بين الناس وفق هذا التنوع (راجع فقرة: مدخل تاريخي حول المجتمع السوري). فالنظام الأسدي وزع المناصب ومراكز السلطة بين مركبات الشعب السوري، وفق شبكة معقدة من نقاط القوة، بحيث تجد كل طائفة أو قومية أو قبيلة أو منطقة نفسها مضطرة، لاستخدام مراكز القوة الممنوحة لها؛ فما كان لغالبية الناس أن يستمروا بالعيش والعمل، إن لم يكن لهم منفذ ما إلى السلطة، أي “واسطة” بالعرف السوري الشائع. هذا التوزيع لمراكز ومزايا السلطة، وفي مجتمع متدين ومحافظ عموما مثل المجتمع السوري، أدى لزيادة انتشار وترسيخ رؤية شعبية تقسم سوريا طائفيا، وقوميا، ومناطقيا، وقبليا، وسياسيا. وباتت كل جماعة تقيس نفسها بعدد المسؤولين في الدولة المنتسبين لها.

هذه السياسة أدت إلى انتشار رؤية شعبية للنظام الحاكم في سوريا قائمة على وهم “النظام الحاكم نظام علوي”، والتي خلقت وهما أكبر، هو أن سبب كل المشاكل والظلم والفساد، هو الطائفة العلوية، “التي أخذت ما لا حق لها به“. بالتوازي مع ذلك تضخمت رؤية شعبية تقوم أيضا على وهم “أن العرب هم الحاكمون” عند القوميات السورية الأخرى وخاصة الأكراد، وأيضا على وهم “أن المسلمين يحكمون” عند المسيحيين. في الجهة المقابلة أدت الأوهام السابقة لترسيخ قناعة في اللاوعي الجمعي لأوهام مضادة، مثل “حافظ وبشار الأسد هم ضمان حماية العلويين من غضب السنة“، أو “ النظام الأسدي هو ضمان حماية المسيحيين من الإسلام الأصولي والمتطرف الصاعد في المنطقة“، أو “استرداد المسلمين السنة لحقهم العددي بالحكم غير ممكن بوجود الأسد العلوي“. كانت هذه الأوهام المركبة لدى عامة الشعب السوري، ولدى غالبية من نخبه ومثقفيه بمختلف مشاربهم، من أهم أدوات التحكم التي أتقن استخدامها النظام الأسدي. وواقع الحال يقول إن هذه السياسة لم يخلُ منها نظام ديكتاتوري في المنطقة ولا في العالم.

لم تختلف سياسة بشار الأسد عن سياسة أبيه جوهريا بالاعتماد على سياسة فرق تسد. واستمر في قمع ومنع أي نقاش مجتمعي وإعلامي لمناقشة المشكلة الطائفية والقومية وغيرها من مشاكل يحملها كل مجتمع بشري، بل استمر في سياسة أبيه في إنكار وجود المشكلة مع الاستمرار في تأجيجها تحت السطح.

لعل بشار الأسد خير من يبرهن كلامنا هنا، ففي عام 2010 وفي لقاء مع جريدة الحياة في 26 تشرين أول/سبتمبر، قال بشار الأسد أنه مدرك لخطر المشكلة الطائفية، لكن قلقه إيجابي لأنه يتعامل معها بحذر. وبالتالي فحسب ادعائه، هو كان مدركا للمخاطر ولم “يُؤخذ على حين غرة”. ثم أكد في العام 2013 وبلقائه مع الإخبارية السورية بتاريخ 17 نيسان/إبريل أن لا قلق على السوريين بسبب المشكلة الطائفية، وأن هذه المشكلة كانت منتهية وقت المقابلة. إلا أنه في خطاب له في عام 2017 بتاريخ 20 آب/أغسطس اعترف أن الطائفية كانت نارا تحت الرماد، وأشار بشكل غير مباشر، إلى أنه من حسن حظ السوريين أن هذه الحرب في سوريا حصلت مبكرا، وإلا لكانت النتائج أخطر بكثير[18]، رغم أنه عاد وجمّل الكلام بشعارات مكررة حول “لا طائفية بين الشعب السوري العظيم”[19].

إذا لقد استغلّ نظام الأسدين كل الأسباب التي تساعد على تفرقة الشعب السوري، ليسهل عليه حكمه، مثل أي ديكتاتور شمولي، وأسهل أدوات التفريق هو العمل على الاختلاف الديني والطائفي، ثم القومي والعرقي. لكن هذا لا يعني بأي شكل، أن انتماء الحاكم إلى الأكثرية العرقية والطائفية كان سيؤدي إلى سياسة حكم لا تعتمد على تفرقة الشارع السوري، فواقع الدول العربية والإسلامية وغيرهم من دول ديكتاتورية، يؤكد أن انتماء السلطة إلى الجماعة الأكثر عددا، لم يلغ سياسة “فرق تسد”؛ مثلا إن حكم مصر من قبل حاكم ينتمي للأكثرية العربية المسلمة السنية في مصر، لم يلغ الشروخ الطائفية التاريخية بين المسلمين والمسيحيين، بل أصبحت أعمق بكثير كما اتضح خلال العقدين الماضيين.

7 استغلال القضية الفلسطينية بين الأسدين

تستخدم كل أشكال الحكم والسلطة الخوف من العدو الشرير لترسيخ حكمها، حتى في عصرنا هذا وعند النظم الديمقراطية، لكن هذا الاستخدام أكثر أهمية ومحورية في النظم الشمولية الديكتاتورية. فيوم يطمئن الناس إلى أن لا عدوا خارجيا يهددهم، يبدؤون بالتساؤل والمطالبة بحقوقهم كمواطنين، مما يهدد أسس السلطة القائمة.

استقلت كل البلدان العربية بعد اغتصاب فلسطين، وتأسيس الكيان الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه، فكانت القضية الفلسطينية بالنسبة للحكام العرب أهم أداة استخدموها في تعبئة الشارع، وتشتيت انتباهه عن ضرورات بناء الدولة الحديثة، وترسيخ أسس المواطنة. ومن هذه الأنظمة كان النظام البعثي ثم الأسدي في سوريا، الذي تطرف في استغلال القضية الفلسطينية أكثر من كل الأنظمة الحاكمة العربية؛ لقد صمّم نظام الأسدين مسطرة تقييم تناسب سلطته، باستخدام شعار القضية الفلسطينية ونصرتها، حيث أخضع كل الكلام والأفعال وحتى المشاعر لهذه المسطرة، فكل نقد أو شبهة اعتراض على السلطة الأسدية، هو بالضرورة خيانة وطنية وعمالة لإسرائيل. بالإضافة لذلك فقد كانت شعارات المقاومة والممانعة والاستعداد للحرب مع إسرائيل مبرراً إعلاميا وشعبويا لم يتوقف نظام الأسدين عن استخدامها لتبرير ضعف الأداء الاقتصادي، وتزايد انتشار الفقر، ولتأجيل أي اصلاح ديمقراطي تحت حجة أن المعركة لا تسمح.

شكلت المعركة المفترضة أو الحرب المنتظرة مع إسرائيل أهم أدوات نظام الأسدين والبعث في تقديم شرعية كاذبة لهذا الحكم المتجبر؛ وتحت نفس اليافطة كان تبرير التركيز على تقوية الأجهزة الأمنية، والتركيز على الجيش والقوات المسلحة. لكن واقع التاريخ يؤكد أن نظام البعث خسر خسارة مذلة في حرب 1967 أمام إسرائيل؛ واستطاع باللحظة الأخيرة انتزاع ما سمّاه انتصارا عسكريا في حرب 1973 بعد تدخلات دولية قوية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي. ومنذ تلك الحرب لم يتم اقحام الجيش السوري وأجهزة المخابرات سوى في أتون الحرب الأهلية في لبنان، وفي الحرب المفتعلة ضد المعارضين في سوريا في فترة الثمانينات. وبقيت سوريا طوال هذا الوقت مفتوحة أمام الطيران الإسرائيلي للقيام بالاعتداءات حسبما تراه الحكومات الإسرائيلية.

لكن النظام الأسد لم يقدم أي جهود لبناء أهم أدوات الصراع مع أي عدو خارجي، وهي تأسيس الدولة الحديثة القوية المستقرة المتطورة، للاستفادة من المصادر البشرية والطبيعية المتوفرة في سوريا، والذي لن يتم سوى من خلال تأسيس دولة المؤسسات القائمة على الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.

8  الاختباء خلف نظرية المؤامرة الكبرى بين الأسدين

لتبرير فشله في تأسيس الدولة العصرية، التي تضمن لمواطنيها المستوى الاقتصادي الجيد، والمساواة أمام القانون، والتطور العلمي، لجأ النظام الأسدي مثل غيره من النظم العربية إلى نظرية المؤامرة الكونية؛ فكل فشل أو هزيمة أو صعوبة تواجه سوريا، سببها هو المؤامرة الإمبريالية الصهيونية الماسونية، والمتحالفة مع مؤامرة النظم العربية الحاكمة الرجعية؛ وكل تقدم أو تحسن أو تطور مهما كان صغيرا، يعود إلى حكمة وشجاعة “القيادة الخالدة” للأسدين.

تاريخ النظام الأسدي والبعثي مع نظرية المؤامرة طويل ومليء، ولعل من أشهر المسرحيات العبثية السوداء، كانت يوم ادعى حزب البعث، بعد نكسة 1967 وضياع الجولان، أنها لم تكن كما تبدو هزيمة عسكرية، وخسارة أرض سورية، وتهجير مئات الآلاف من السوريين والفلسطينيين؛ بل كانت بعمقها انتصارا لأن هدف المؤامرة كان إسقاط القيادة البعثية السورية المقاومة. وتابع حافظ وبشار الأسد نفس النهج، بعد أن فسّرا نظرية المؤامرة، على أنها تهدف لإسقاطهما شخصيا، لأنهما يهددان الوجود الإسرائيلي من أساسه، بما يملكانه “من حكمة وممانعة وصفات قيادية”.

إن الكلام وفق منهج نظرية المؤامرة في خطابات حافظ وبشار الأسد[20]، أكثر من أن يحصى. ولعلنا نكتفي هنا، بالتدليل على أهمية نظرية المؤامرة في تكوين النظام الأسدي، بما قامت عليه سياسة بشار الأسد، منذ ثورة 2011 في سوريا، كأساس في معركتها الطويلة وهي “إنها مؤامرة كونية كبرى” ضد سوريا، والتي تعني قياسا على بنية النظام الأسدي، أنها مؤامرة كونية ضد بشار الأسد نفسه ونظامه[21]. فقد قال في واحد من أوائل كلماته في العام 2011، في خطاب موجه إلى القوات المسلحة: “إذا كان قدر سوريا أن تكون في موقع القلب لهذه المنطقة الجيوستراتيجية … بأننا قادرون بوعي شعبنا وبوحدتنا الوطنية أن نسقط هذا الفصل الجديد من المؤامرة التي نسجت خيوطها بدقة وإحكام بهدف تفتيت … وقد فات أولئك أن لسوريا خصوصيتها الذاتية العصية على كل المؤامرات والمتآمرين[22].

9   الفصل بين مراكز السلطة بين الأسدين

أهم تغيير حصل مع بشار الأسد مقارنة بحكم أبيه، كان عجزه عن المحافظة على الفصل الحاد الذي أنشأه أبوه ما بين مكونات السلطة في سوريا. فحافظ الأسد أسّس جدرانا عازلة ما بين مكونات السلطة الأساسية: القيادات العسكرية، والأجهزة المخابراتية والأمنية، والرأسماليين وطبقة الأغنياء، وطبقة رجال الدين، والسلطة التنفيذية للدولة أي الحكومة ومؤسساتها المدنية. لقد وضع حافظ الأسد هذه الحدود بين مكونات السلطة الخمسة[23]، ومنعهم من التشارك أو التداخل، منعا لنشوء قوة ضاربة تشكل تهديدا لسلطته المطلقة. وباعتبار حافظ الأسد ابن المؤسسة العسكرية، وبفضلها وصل للسلطة، فقد اعتمد بشكل أساسي على السلطة العسكرية والأمنية، لكنه أيضا استطاع ضمن هذين القطاعين، ترسيخ انقسامات بين مراكزها القوية، ووزع القوة والسلطة ضمن قطاع السلطة الأمنية، فأوجد أربعة أجهزة أمنية تفرعت عنها عشرات الفروع التابعة له مباشرة، لكن المتصارعة فيما بينها[24]؛ وربما يكون للدرس الذي تعلمه من محاولة انقلاب أخيه رفعت الأسد عليه، في بداية ثمانينات القرن الماضي، أبلغ الأثر في سياسة توزيع القوى ضمن الجيش والأمن.

لكن بشار الأسد، وبسبب ضعفه الواضح في بدايات حكمه، وقلة خبرته في العمل السلطوي والسياسي، وبسبب تداعيات انتقال النظام الاقتصادي إلى السوق المفتوح والتجارة الحرة، أهمل هذه التقسيمات الحادة، فتداخلت في عهده مراكز السلطة في سوريا، وانتقل ضباط الجيش والأمن إلى مصاف الرأسماليين، وعقدوا التحالفات مع الأجهزة التنفيذية، بل ومع السلطة الدينية، التي حرص بشار الأسد على إرضائها، وهذا ما يبرزه بوضوح ارتفاع معدلات الفساد إلى مستويات قياسية حتى بالنسبة لسوريا أيام أبيه. لعل ما حدث مع ابن خال بشار الأسد، محمد مخلوف، الذي صعد بسرعة صاروخية ليكون أغنى أغنياء سوريا يبين هذا التداخل الفوضوي مقارنة بما كان أيام أبيه؛ فمخلوف بنى امبراطوريته الاقتصادية اعتمادا على صلاحيات واسعة أخذها باسم بشار الأسد، استخدمها بالاستفادة من الفساد الإداري المتمكن من أجهزة الدولة، وبعقد شراكات مع ضباط الجيش والمخابرات ورجال الأعمال. 

10 سوريا في العام 2011

وصلت سوريا إلى العام 2011، مثل بقية دول المنطقة، محكومة من قبل نظام ديكتاتوري مخابراتي فاسد، وعاجز عن أي تغيير أو إصلاح يناسب العصر الحديث. فالانتفاضة والتمرد على النظام الأسدي كان عملا حتميا لا مناص منه، لأن دوافعه بين السوريين كانت تغلي، ولأن النظام الحاكم كان مريضا وعاجزا عن إصلاح حتى نفسه، كما ثبت لحد الآن. ويكفي للدلالة على عجزه، أنه رغم كل ما حصل في سوريا، فإنه ما زال يسير وفق نفس الاستراتيجيات المؤسَّسة من قبل حافظ الأسد، منذ أربع عقود، والتي تتمحور حول خطين أساسيين: الأول هو عبادة وتقديس الرئيس بشخصه ومركزه، وتقزيم الوطن والدولة على مقياس الولاء له، وضمان ذلك باستخدام كل الأساليب المخابراتية والعنفية المتوفرة. والثاني هو الانتهازية السياسية والسلطوية: ما بين مصالح حلفائه في روسيا وإيران، وما بين الغرب؛ ما بين العلمانية الشكلانية[25]، وما بين الدينية الطائفية؛ ما بين التطرف بالعنف ضد المعارضين، وما بين إبقاء خيار السلامة بشرط الاستسلام المطلق لسلطة نظام الأسد.

إن السلطة المرعبة التي امتلكتها المخابرات الأسدية في سوريا، والقمع الشديد لكل الأفكار والآراء، وترسيخ رعب جماعي من الاشتباك مع أجهزة الأمن الأسدي، هي من أهم أسباب الاحتقان لدى الشباب السوري الذي لم يعاصر فترة القمع المخابراتي التي عانها السوريون في الثمانينات، وبالتالي كان هذا الجيل غير محبوس داخل نفس دائرة الرعب التي تم ترسيخها في سوريا خلال الثمانينات، هو جيل لم يشهد بعينه قمع الثمانينات لكنه سمع عنها وعانى من نتائجها وورث أيضا الخوف منها سواء الخوف من القمع السلطوي الأمني، أو الخوف على انهيار البلد لكن بشكل أقل من الأجيال السابقة؛ لكن مع ذلك كانت بذور التمرد لتأمين مستقبل أفضل تنمو بسرعة داخل جيل الشباب السوري.

من ناحية ثانية، كان تحول العالم إلى قرية كونية على أرض الواقع من خلال شبكة الانترنت ووسائل التواصل الحديثة ومنصات التواصل الاجتماعي، ناهيك عن عولمة الأسواق والأموال، ذو أثر كبير وعميق في جيل الشباب حول العالم، فحرك الطموح للأحسن عبر كل العالم عند الشعوب وشبابها؛ فأن يرى الناس بعيونهم ويتواصلوا مع دول ومجتمعات تتحقق بها الحداثة والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان أبعد أثرا وأكثر تحريضا من أن يسمع الناس مجرد أخبار كما اعتادوا خلال القرن الماضي.

لكن في سوريا 2010 كان الشباب ما زالوا يقفون أمام أفق مسدود، فالفساد مستشر في كل مناحي الدولة، والمحسوبيات والواسطة هي الرافعة التي لا مناص منها، والفقر يتزايد مع الأيام، والخدمات العامة تتراجع، وتصبح مصدرا للربح السريع من قبل شركات أخطبوطيه خاصة متحالفة مع السلطة، وحتى السفر إلى الخارج بقصد العمل أصبح أصعب وأقل مردودا، وفوق كل ذلك كان ممنوعا على الشباب السوري إعلان ضيقه أو تذمره من سياسة السلطة، وإلا كانت أقبية المخابرات الأسدية، بكل جحيمها المشهور في انتظاره. ثم كان الربيع العربي الذي تفجر في تونس لنفس الأسباب الجوهرية التي زرعت بذور الثورة والتمرد في سوريا، فكانت تلك الشرارة، وروح الطموح والشوق للحرية في سوريا أقوى من ألا تدخل سوريا وتشعل الثورة السورية في العام 2011.

11   خاتمة

لم تكن سياسة وعقلية النظام الأسدي في سوريا، من إبداعه الخاص، بقدر ما كانت تطورا لبنية النظام الديكتاتوري في الدول النامية بعد الحرب العالمية الثانية، أضاف عليها الديكتاتور الأب الكثير لحماية سلطته المطلقة، وتأمين الأرضية اللازمة لاستمرار ابنه في الحكم. لكن كلا الأسدين، ورغم طول فترة الخبرة، لم يستطيعا فهم العصر الحديث، بسبب تحول السلطة إلى مرض الهوس بالسلطة، فكانت النتيجة هذه المأساة التي يعيشها السوريون منذ 11 سنة.

تناولت هذه الورقة الأمور العامة الأساسية، التي لا خلاف حولها، وتجنبت التفاصيل؛ فالتفاصيل يمكنها أحيانا أن تحجب ضوء الشمس في واضحة النهار. أما مفصل الاختبار، حول صحة النتيجة، فيتوقف على قناعة المتلقي حول سؤال أساسي، لا يشمل فقط سوريا، بل كل دول العالم حاضرا وماضيا وهو: “يوم تسوء أحوال دولة ما، فمن يتحمل المسؤولية: هل يتحملها صانع القرار وصاحب السلطة، أم عامة الشعب؟”. الإجابة على هذا السؤال هي التحدي الحقيقي أمام أي قراءة لحركة التاريخ، وهو سؤال أساسي يتصاعد الآن حتى في الدول الغربية، التي تقوم بعملية مراجعة ونقد ذاتي رغم امتلاكها كل مصادر القوة والحداثة والعلم والغنى المادي والفكري.

لقد اعتاد الناس عبر آلاف السنين، التي سيطر بها الحكم الشمولي الديكتاتوري على كل دول العالم، أن يتحولوا إلى “مازوشيين جماعيين”، بمعنى لوم بعضهم البعض، فيوم ينتشر الفساد، ينتشر معه مقولات “نحن الفاسدون”، ويوم ينتشر العنف “نحن العنيفون”، وغير ذلك، فيصلون إلى نتيجة تناسب السلطة وهي “هذه الناس بحاجة لهذا الحاكم القاهر القاسي”. أول من أسقط هذه الأفكار كانت المجتمعات الأوروبية الغربية، بعد أن دفعت الكثير لتأسيس النظم الديمقراطية، وعلى ما يبدو الآن أن هذه الراية تنتقل، رغم كل المآسي، إلى بقية دول العالم، وربما تكون سوريا هي الرافعة رغم كل الثمن الباهظ الذي دفعته، لتعيد تثبيت حقيقة أن الانهيار في الدولة لم يكن ولن يكون بسبب الشعب والمجتمع بل المسؤول عنه هم صناع القرار السياسي والاقتصادي والإعلامي والتعليمي والاجتماعي.

[1]  قضية “أخطاء التفسير الطائفي.. مقدمة في الطائفية” – علاء الدين الخطيب – مركز حرمون – 03 حزيران/يونية – 2022

https://bit.ly/3Vc7hx7

[2]  حكم الفاطميون مصر حوالي 200 سنة بين القرنين العاشر والثاني عشر ميلادي.

[3]  نكبة نصارى الشام، سامي مروان مبيض، عن دار رياض الريس للكتب والنشر، 01/01/2020، ISBN: 9789953217260

[4]  يرجع العديد من المؤرخين والمحللين سيطرة الديكتاتورية الشمولية إلى مرحلة الوحدة السورية المصرية بين العامين 1958 و1962، ولكن هذا الاختلاف يؤدي بنا لنفس النتيجة.

[5]  بيانات البنك الدولي للعام 2018
http://databank.worldbank.org/data/source/world-development-indicators/preview/on#

[6]  تقرير “اقتصاد الأزمة السورية” – صندوق النقد الدولي – حزيران 2016

[7]  مؤشر مدركات الفساد Corruption Perceptions Index وفق منظمة الشفافية العالمية هو مؤشر إساءة استغلال السلطة من أجل المصلحة الشخصية. وهو مؤشر مكون من عشر مستويات: من 0 إلى 100؛ فكلما انخفضت قيمة المؤشر ازداد الفساد، وكلما ارتفعت قيمة المؤشر قلّ الفساد. مثلا كانت نيوزيلندا في العام 2017 الدولة الأقل فسادا بمعدل 89 وبالترتيب الأول عالميا، وكانت الصومال الدولة الأكثر فسادا بمعدل 9 وبالترتيب 180 عالميا.

[8]  منظمة الشفافية العالمية

www.transparency.org/cpi

[9]  “مسح الشركات Enterprise Surveys” – البنك الدولي – 2009

https://www.enterprisesurveys.org/en/enterprisesurveys

[10]  المرجع (5)

[11]  رفيق الحريري رجل أعمال وسياسي لبناني، برز اسمه بعد اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، فاستلم رئاسة عدة حكومات لبنانية حتى تم اغتياله في 14 شباط/فبراير 2005، حيث دلت كل التحقيقات الدولية على تورط حزب الله ونظام الأسد في الاغتيال.

[12]  قال حسن نصر الله في مقابلة تلفزيونية مع تلفزيون الجديد بعد حرب تموز، معلنا ندمه وسوء تقديره ” إن قيادة حزب الله ‘لم تتوقع ولو واحدًا بالمائة أن عملية الأسر ستؤدي إلى حرب بهذه السعة وبهذا الحجم؛ لأنه وبتاريخ الحروب هذا لم يحصل.. لو علمت أن عملية الأسر كانت ستقود إلى هذه النتيجة لما قمنا بها قطعًا”

[13]  قال بشار الأسد في خطابه أمام مؤتمر الصحفيين في دمشق في آب/أغسطس 2006 ” م يكن هناك من إمكان لحلول وسط في مثل هذه الحرب أسقطت أصحاب أنصاف المواقف أو أنصاف الرجال وأسقطت كل المواقف المتأخرة”، حيث تم تفسير عبارة “أنصاف الرجال” أنها كانت موجهة للحكومة السعودية. لكن نائبه فاروق الشرع عاد بعد سنة، وفي مؤتمر صحفي أعقب لقاءه مع الرئيس المصري حسني مبارك في بداية العام 2007، نفى أن يكون مصطلح أنصاف الرجال موجها لأي حاكم عربي، فقال في معرض رد على سؤال حول ذلك الاشكال “لم يكن يقصد ايا من القادة العرب”

[14] تقرير للجزيرة بعنوان “مفتي سوريا يدعو لتنفيذ عمليات استشهادية ضد الغزاة” – 27/03/2003

https://bit.ly/3FBYb64

تقرير للنيويورك تايمز بعنوان “سوريا، علمانية طويلة بلا رحمة، انبعاث المد الإسلامي Syria, Long Ruthlessly Secular, Sees Fervent Islamic Resurgence” – 24/10/2003- يتراجع به ابن أحمد كفتارو عن فتوى أبيه بعض التنديد الدولي. الملفت للنظر أن هذا التقرير يسمى النظام السوري علمانيا، مع أنه يذكر ضمن التقرير توائم وانسجام النظام الأسدي مع دعوات كفتارو، ومع الشيخ محمد قول أغاسي المعروف بكنية “أبو القعقاع السوري”، وتأييد هذا الشيخ، الذي له كان تواصل ثابت مع قاعدة العراق وأفغانستان، للنظام الأسدي.

https://nyti.ms/2ysQe0t

تقرير لموقع بوابة سان فرانسيسكو – “Syrians told to prepare for fight with U.S. / Iraq war is just the beginning, leaders say” – 31/03/2003

https://bit.ly/3YP5pg6

[15]  رفعت الأسد، 1937، الشقيق الأصغر لحافظ الأسد، كان اليد اليمنى لحافظ الأسد والرجل الثاني في السلطة الأسدية حتى العام 1984، حيث حاول الانقلاب على أخيه، فقام حافظ الأسد بنفيه خارج سوريا مع أموال هائلة كان رفعت الأسد قد راكمها خلال حكم أخيه. تؤكد كل التقارير على مسؤوليته عن مجزرة حماة 1982 والتي أودت بحياة عشرات الآلاف.

[16]  المخابرات السورية: الأصول والتطور، أندرو راثميل/ ترجمة أحمد عيشة، مركز حرمون للدراسات، 18/10/2021

[17]  من أشهر الدوريات التي ظهرت في بداية العام 2001 دورية “الدومري”، التي أطلقها فنان الكاريكاتير السوري علي فرزات. لكن مع بداية عام 2003 تم إغلاقها. وحققت الدورية خلال حياتها مبيعات عالية جدا حيث كانت أول صحيفة خاصة ظهرت في سوريا خلال أربعة عقود.

[18]  كلمة بشار الأسد أمام مؤتمر المغتربين بتاريخ 20/08/2017. ورد فيها ما نصه “المرحلة الأخطر كانت في السنة الأولى من الحرب، لأن البعد الطائفي كان موجوداً في النفوس قبل الحرب كالنار تحت الرماد ولكن إلى حد معين ربما لو انتظرنا سنوات وتغلغل هذا البعد أكثر في نفوس السوريين واندلعت هذه الحرب ربما كنا رأينا واقعاً مختلفاً أخطر بكثير.”

[19]  “عندما يتفلسف بشار الأسد” – علاء الدين الخطيب – 21/08/2017

https://www.infosalam.com/syria/assad-regime/assad-smartass

[20]  راجع على سبيل المثال خطاب حافظ الأسد في المؤتمر الرابع لاتحاد شبيبة الثورة ‏15/‏‏4/‏‏1985، حيث كانت “مؤامرة الرجعية العربية” أساس خطابه.

وكلمته في ‏1/‏‏8/‏‏1982‏ حين تكلم عن ” المؤامرة الكبرى التي تستهدف تصفية القضية وفرض الاستسلام على الأمة “.

وكلمته في ‏8/‏‏3/‏‏1981‏ حين قال ” هو دحر المؤامرة الكبيرة ،دحر المؤامرة الكبيرة التي تعرض لها هذا القطر ، والتي لم تعرف لها سورية مثيلا من قبل”.

[21]  قال بشار الأسد في معرض رده على من لم يقتنع بالمؤامرة، خلال مقابلته مع تلفزيون الدنيا في 29/08/2012، “فعندما ألقيت خطابي الأول في مجلس الشعب وتحدثت عن مؤامرة ومواجهة تساءل كثيرون أي مؤامرة وأي مواجهة.. واتهمونا بأننا نقول عن كل شيء بأنه مؤامرة واعتبروا أن ما يحصل حالة انفعالية فقط كما ذكرت سابقاً.. وأنه لو قال الرئيس بضع كلمات طيبة وعاطفية لكانت حلت المشكلة.. قلت لهم المشكلة لم تبدأ بعواطف ولن تنتهي بعواطف.. هناك مخطط وهناك أدوات داخلية.. فإذاً نحن من البداية أخذنا قراراً بالحسم لأن الصورة واضحة لكن أسلوب الحسم يختلف باختلاف مراحل الأزمة.”

[22]  خطاب وجهه بشار الأسد إلى القوات المسلحة نشر في مجلة «الجيش الشعبي» – 31/07/2011

[23]  قلما نجد بين كبار الأغنياء والرأسماليين في سوريا إبان حكم حافظ الأسد بروز أسماء عسكرية أو مسؤولين سياسيين كبار، باستثناء أولاد ثلاثة أشخاص هم: عبد الحليم الخدام، مصطفى طلاس، حكمت الشهابي.

[24]  “كيف تتحكم مخابرات الأسد بالشعب السوري” –  مرصد مينا – 07/09/2018

https://bit.ly/3Vtbig9

[25] “الكذبة الكبرى؛ علمانية‏ نظام الأسد” –  مرصد مينا – 18/11/2018

https://bit.ly/3BQJrQ1